الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٧٥
والجماعة أخرى، ويختلف فعله عليه السلام في ذلك (1) بحسب اختلاف المصلحة، ولم يختلف فعله صلى الله عليه وآله في الاستخلاف المطلق فأوجبنا ما لم يختلف الحال فيه من مطلق الاستخلاف، ولم نوجب ما اختلف من عدد المستخلفين، فلم يلزم على ما ذكرناه أن ينص على أمير كل بلد بعد وفاته، على أنه صلى الله عليه وآله في أحوال حياته قد كان يولي الأمير الكورة (2) ويجعل إليه الاستخلاف في أطرافها وبلدانها فكذلك لا يمتنع أن ينص على إمامة واحد بعده، ويجعل إليه الاستخلاف على الأمصار والبلدان.
فأما تبديله الخلفاء وإن ذلك يدل على أنه كان يفعل ذلك برأيه واجتهاده لا عن نص فليس يعلم من أي وجه يدل بما ذكره على ما ظنه وليس في إبدال الخلفاء ما يقتضي أن استخلافهم صادر عن رأي واجتهاد كما أنه ليس في إبدال الشرائع بغيرها ما يدل على ذلك، وليس يمتنع أن تختلف المصلحة فيختلف المستخلفون وإن كانوا منصوصا عليهم، ولو كان الأمر على ما ظنه وادعاه لم يكن فيه علينا حجة لأن من استدل بهذه الطريقة من أصحابنا لم يرجع إليها في أكثر من أن النص واجب من الرسول صلى الله عليه وآله.
فأما كونه مفعولا بأمر الله تعالى أو باختيار واجتهاد، فالمرجع فيه إلى غير ذلك.
فأما تعلقه باستخلاف أمرائه، وتوصله إلى أن يكون غيره مشاركا له في إقامة الإمام فباطل، لأن أمراءه إنما ساغ لهم الاستخلاف من حيث جعل عليه السلام ذلك إليهم، واستخلفهم فيه كما استخلفهم على

(1) في الاستخلاف، خ ل.
(2) الكورة - بوزن صورة - المدينة، والصقع، والمراد هنا الثاني.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»