عليهم معنى الوصية، وذلك أن الوصية قد تقدمت في الكلام مصرحا بها، فلا معنى لإدخالها تحت لفظ آخر على سبيل التكرار، وأيضا فإن ظاهر لفظ الخليفة في العرف من قام مقام المستخلف في جميع ما كان إليه، وإنما يختص الاستخلاف بالخلافة في بعض الأحوال بإضافات تدخل على الكلام وإلا فالاطلاق في العرف يقتضي ما ذكرناه.
فأما قوله: (ولو كان ذلك حقا لكان عليه السلام يذكره عند الاختلاف في الإمامة) فقد مضى فيما تقدم من كلامنا في هذا ما فيه كفاية، وبينا السبب المانع من ذكر ذلك، وأنه لا دلالة في ترك ذكره على أنه لم يكن.
فأما قوله في آخر الفصل: (إن ثبوت إمامة فلان وفلان تقتضي صرف ما ظاهره الإمامة عن ظاهره فبأن يجب ذلك في المحتمل أولى) فقد مضى أيضا فيما سلف أن هذا الخبر وأمثاله من ألفاظ النص غير محتمل، وأن ظواهرها وحقائقها تقتضي النص بالإمامة، ولم يثبت ما ادعاه من إمامة من ذكره على وجه فضلا عن ثبوتها على وجه غير محتمل فينصرف لذلك عن ظواهر النصوص، وإنما يحيل على ما يأتي من كلامه في هذا المعنى، وإذا بلغنا إليه بينا ما فيه بعون الله تعالى.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر، ثم قال: " وقد استدل الخلق منهم بحديث المؤاخاة، وإنه صلى الله عليه وآله قصد إلى أمر زائد على ما تقتضيه الأخوة في الدين، لأنه لو أراد ذلك لم يكن ليخص بعضا دون بعض بأخوة غيره، وإذا صح أن المقصد أمر زايد فليس إلا إبانة الاختصاص، والتقارب بين من آخى بينهما فإذا آخى بين علي عليه السلام وبينه صلى الله عليه وآله فقد دل على أنه أخص الناس به، وأقربهم إليه، وأفضلهم بعده، وذلك يقتضي أنه أولى بالإمامة ".