الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٨٧
كدلالة حديث المؤاخاة وما جرى مجراها، لأنا قد بينا أن كل شئ دل على التفضيل والتعظيم فهو دلالة على استحقاق أعلى الرتب والمنازل، وأن أولى الناس بالإمامة من كان أفضلهم، وأحقهم بأعلى منازل التبجيل والتعظيم، وقد مضى طرف من الكلام في أن المفضول لا يحسن إمامته، وإن ورد من كلامه في المستقبل شئ من ذلك أفسدناه بعون الله تعالى.
فأما ادعاؤه في قوله: (لأعطين الراية غدا): " أنه إنما يدل على أنه فاضل، ولا يمتنع أن يكون غيره موازيا له في ذلك " فباطل لأنه لا بد من أن يكون له مزية ظاهرة في ذلك على غيره من المؤمنين، وسائر الصحابة من حيث كانت صورة الحال، وكيفية خروج القول من النبي صلى الله عليه وآله يقتضي ذلك، ويدل عليه، لأن أبا سعيد الخدري روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل عمر إلى خيبر فانهزم ومن معه، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله يجبن أصحابه وهم يجبنونه فبلغ ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله كل مبلغ فبات ليلته مهموما فلما أصبح خرج إلى الناس ومعه الراية، فقال: (لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله كرارا غير فرار) فتعرض لها جميع المهاجرين والأنصار
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»