الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٨٠
صحيحة دالة على معنى الإمامة والاستخلاف، لأن أحد أقسام ما يحتمله لفظ القضاء الحكم، ولهذا سمي الحاكم قاضيا وإذا أضيف ذلك إلى الدين فكأنه صلى الله عليه وآله قال: أنت حاكم ديني والحاكم في دينه بعده لا يكون إلا الإمام، أو من يجري مجراه من ولاته.
فأما قول أبي هاشم: (إن الكلام يحتاج إلى زيادة، وإنه كان يجب أن يقول القاضي ديني إلى أمتي) فهذا إنما كان يجب لو أراد بلفظ القضاء الأخبار لأن لفظة " إلى " إنما يحتاج إليها من هذا الوجه، فأما إذا أريد بالقضاء الحكم فذلك غير واجب.
فأما ادعاؤه أن (خليفتي من بعدي) غير معروف، وأن المعروف (خليفتي في أهلي) فما فيهما إلا معروف ظاهر في الرواية، وليس في ثبوت قوله (خليفتي في أهلي) نفي لقوله في حال أخرى: (أنت خليفتي من بعدي) ومن عادة صاحب الكتاب أن يضعف كل ما يحس فيه بمكان الحجة، ولهذا قال في أول الفصل أن قوله (أنت وصيي) أظهر من سائر الألفاظ من حيث كان هذا اللفظ أبعد من معنى الإمامة من الجميع، على إنا لو صرنا إلى ما يريد وفرضنا أن الخبر لم يرد إلا بقوله: (أنت خليفتي في أهلي) لكان نصا بالإمامة، لأن من يخلف النبي صلى الله عليه وآله هو من يقوم فيمن كان خليفة عليه بما كان صلى الله عليه وآله يقوم به، ويجب له من امتثال أمره، وفرض طاعته ما وجب للنبي صلى الله عليه وآله، وإذا ثبت هذا المعنى بعد النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام في واحد من الناس فضلا عن جماعة الأهل تثبت له الإمامة، لأن من تجب طاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه لا بد أن يكون إماما أو واليا من قبل الإمام ولأن حكم الأهل في تدبيرهم والقيام بأمورهم حكم غيرهم من الأمة، فمن وجب ذلك له على الأهل وجب له على الكل، ومن لم يجب له أحد الأمرين لم يجب له الآخر، وليس له أن يقول: إنما أراد بالخلافة
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»