وخليفته بعد موته لا بد من كونه كذلك، فالنص عليه من الله تعالى واجب.
فأما قول صاحب الكتاب: " إن الاستخلاف إنما يوصف بأنه منزلة متى وجبت لسبب، فأما إذا وقع بالاختيار على وجه كان يجوز أن لا يحصل فلا يكاد يقال: إنه منزلة " فإنه كثيرا ما يدعي في هذه الطريقة بما لا يزيد فيه على الدعوى ويتحجر في قصرها على أمر واحد من غير دليل ولا شبهة، وهذا يشبه ما ذكره متقدما من أن المنزلة لا تستعمل إلا بمعنى المحل والموقع من القلب دون ما يرجع إلى الولايات، وقد بينا بطلان ما ظنه بما يبين أيضا بطلان دعواه هذه، لأنه قد يقال: فلان بمنزلة فلان، وقد أنزلت زيدا منزلة عمرو في الأمور، والولايات التي ليست بواجبة كنحو الوكالة والوصية، والتفضل بالعطية، وغير ذلك مما لا سبب يوجبه فكيف يدعي أن اللفظ يختص بما له سبب وجوب، والعرف يشهد باستعمالها في الكل، وفيما قد أوردناه كفاية في فساد جميع ما تعلق به في هذا الباب.
قال صاحب الكتاب " دليل لهم آخر، وربما استدلوا باستخلافه [صلى الله عليهما إياه] (1) بعد الغيبة على المدينة ونصه على من يخلفه على وجوب الاستخلاف والنص بعد الموت، لأن الموت أقوى في ذلك من الغيبة، ولأن الغرض طلب الصلاح والموت بذلك أولى من حال الغيبة " ثم قال " وهذا إنما كان يجب لو ثبت لهم أنه صلى الله عليه وآله استخلف، وكان لا بد أن يستخلف فيقاس حال الموت عليه، فأما إذا قلنا: إنه كان يجوز أن لا يستخلف، وإنما استخلف باختياره، وعلى وجه