بلد واحدا كان يجوز ذلك أو لا؟ فإن قال: نعم، لزمه النص على أئمة، وإن قال: لا يجب ذلك فقد نقض ما اعتمد عليه، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم عند الغيبة كان يستخلف جماعة كل مرة غير التي يستخلف في غيرها، وذلك يدل على أنه كان يفعل ذلك باختيار واجتهاد لا عن نص، فإن كان عندهم أن الموت كالغيبة فيجب أن يكون الإمام بعده ثابت الإمامة باختيار واجتهاد لا عن نص.
وبعد، فكما إنه صلى الله عليه وآله وسلم استخلف في حال الغيبة فقد ثبت في أمرائه أنهم استخلفوا في حال الغيبة وبعد الموت، فيجب أن لا يدل ذلك على أنه المختص بإقامة الإمام، بل قد يجوز لغيره أن يشركه فيه، وذلك يصحح ما نقوله.
وبعد، فإن ذلك ليس بأن يدل على النص على واحد بأولى من أن يدل على غيره فلا يمكنهم أن يتعلقوا بذلك في وجوب النص على أمير المؤمنين، وقد بينا أنه لا يمكنهم أن يقولوا إذا ثبت النص فلا قول إلا ما نذهب إليه، وذلك لأنا قد بينا أن الجمع العظيم قد قالوا بالنص على أبي بكر وبينا القول في ذلك،... " (1).
يقال له: أما المدينة التي تضمن الدليل ذكرها بعينها فلم يستخلف صلى الله عليه وآله عليها عند غيبته عنها إلا الواحد، وبعد فإن المبتغى بهذه الطريقة من الاستدلال وجوب الاستخلاف لا كيفيته ولا عدد المستخلفين، وقد ثبت وجوب الاستخلاف بما رتبناه من الكلام، وليس يجري عدد المستخلفين مجرى الاستخلاف على الجملة في الوجوب، ألا ترى أنه عليه السلام مع الغيبة قد كان يستخلف على البلدان الواحد تارة