أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يزوجه عليه السلام، لأنه كان على ظاهر الاسلام، والتمسك بشرائعه، وإظهار الاسلام يرجع إلى الشرع فيه، وليس مما يحظره العقول.
وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله مناكحة المرتدين على اختلاف ضروب ردتهم، وكان أيضا يجوز أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى، كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ينكح فيهم، وهذا إذا كان في العقول سابقا فالمرجع في تحليله أو تحريمه إلى الشريعة، وفعل أمير المؤمنين عليه السلام حجة عندنا في الشرع، فلنا أن نجعل ما فعله أصلا في جواز مناكحة من ذكروه، وليس لهم أن يلزموا به على ذلك مناكحة اليهود والنصارى، وعباد الأوثان، لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز، وإن سألوا عنه في الشرع فالاجماع يحظره، ويمنع منه.
فإذا قالوا: فما الفرق بين الوثني والكافر بدفع الإمامة؟
قلنا لهم: وما الفرق بين النصرانية والوثنية في جواز النكاح، وما الفرق بين النصراني والوثني في أخذ الجزية وغيرها من الأحكام؟ فلا يرجعون في ذلك إلا إلى الشرع الذي رجعنا معهم إليه.
وهذه جملة كافية في الكلام على ما أورده.
إلى هنا انتهى الجزء الثالث من كتاب " الشافي في الإمامة " للسيد المرتضى بحسب هذه الطبعة ويليه - إن شاء الله تعالى - الجزء الرابع وأوله " فصل في تتبع كلامه - أي قاضي القضاة - على من طعن في الاختيار ".