الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٦٩
وجوب هذه المنزلة أو جوازها الطريق إليه غير الخبر، ولو لزمني هذا للزمك مثله، إذا قيل لك: إنك إذا كنت تعتقد أن القديم تعالى قادر لنفسه فصحة الفعل منه ليس تدل على كونه على هذه الصفة على ما ذهبتم إليه، وأكثر ما يدل صحة الفعل على كونه قادرا، فأما الوجه الذي كان قادرا منه، وأنه النفس دون المعنى فغير مستفاد من صحة الفعل، وجعل ذلك قدحا في مذهبك وطريقتك، ما كان يمكنك أن تعتمد إلا على ما اعتمدناه بعينه، وتبين أن صحة الفعل دلالة إثباته قادرا والطريق إلى استناد هذه الصفة إلى النفس أو المعنى غير هذا، وأنه ليس يجب من حيث كان المذهب يشتمل الأمرين أعني كونه قادرا، وأنه كذلك للنفس أن يعلما بدليل واحد من طريق واحد.
فإن قيل: إذا كان مذهبكم في النبوة والإمامة ما شرحتموه ورغبتم عن قول من ذهب فيهما إلى الاستحقاق أفتجوزون أن يكون في زمان النبي وزمان أمير المؤمنين عليهما لسلام من يساوي كل واحد منهما في القيام بما أسند إليه حتى لو عدل بالأمر إليه لقام به هذا المقام بعينه.
قلنا: قد كان ذلك جائزا وإنما علمنا أنه لم يقع لدليل منع منه لا من حيث الاستحقاق ولا تساوي صفة من يصلح لهذه الأمور، فيكون تكليف هذا كتكليف ذلك لا يصح، والذي نقوله: إنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وآله من يساويه في شرائط النبوة ولا كان في زمان إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من يساويه في جميع شرائط الإمامة، وإن جاز أن يكون قبل إمامته من يساويه في ذلك في أيام الرسول صلى الله عليه وآله، والوجه في المنع مما ذكرناه أنه لو جاز ما منعنا منه من الأمرين لوجب في ذلك المساوي للرسول أو الإمام أحد الأمرين، إما أن يكون رعية لمن هو مساو له أو خارجا عن رعيته، ومستثنى به عليه، وليس يجوز أن يكون
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»