الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٩
فأما قوله: (إن الذي تأولنا الخبر عليه لا يزيل شك المنافقين ولا يبطل إرجافهم) فعجيب لأنا لا ننكر دخول المنزلة التي ذكرها صاحب الكتاب في جملة المنازل، وإنما أضفنا إليها غيرها، وقد ذكرنا في صدر الاستدلال بالخبر أنه يتناول كل منازل هارون من موسى من فضل ومحبة واختصاص، وتقدم إلى غير ذلك سوى ما أخرجه الاستثناء من النبوة وأخرجه العرف من إخوة النسب على أنه يكفي في زوال إرجاف المنافقين حصول منزلة الخلافة في الحياة وبعد الممات، لأن هذه المنزلة لا تسند إلى مستثقل مبغض مخوف الناحية، بل إلى من له نهاية الاختصاص، وقد بلغ الغاية في الثقة والأمانة، وهذا واضح لمن تأمله.
قال صاحب الكتاب بعد كلام لا طائل في حكايته: (وقال ملزما لهم - يعني أبا علي -: إن كان صلى الله عليه وآله إنما أراد بهذا الخبر إثبات الإمامة لأمير المؤمنين عليه السلام فيجب لو مات في حياة النبي صلى الله عليه وآله أن لا يكون منه بمنزلة هارون من موسى، ولو كان كذلك لوجب عند سماع هذا الخبر أن يقطع على أنه يبقى بعده صلى الله عليه وآله، ولوجب أن لا يستفاد في الحال فضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام، وألزمهم أن لا يجوز منه صلى الله عليه وآله - وقد قال هذا القول - أن يولي [أحدا على علي في حال حياته كما لا يجوز أن يولي] (1) عليه أحدا بعد وفاته، لأن الخبر فيما يفيده لفظا أو معنى لا يفصل بين الحالين، وذلك يبطل لما قد ثبت من أنه صلى الله عليه وآله ولى أبا بكر على علي أمير المؤمنين عليه السلام في الحجة التي حجها المؤمنون قبل حجة الوداع، وولاه الصلاة في مرضه (2) إلى غير ذلك، وإن كان الخبر يدل على

(1) التكملة من المغني.
(2) غ " في موضعه ".
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»