الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٤
القيم بعد وفاته بما يقوم به الإمام (1) وقال هاهنا كما ترى: " أن الشركة في النبوة تقتضي القيام بذلك " (2) وتجاوز هذا إلى أن جعل اقتضاء النبوة لهذه المنزلة كاقتضاء الاستخلاف لها والفرق بين الاستخلاف في اقتضائه هذه الولاية وبين النبوة واضح، لأنه إذا بان بما قدمنا ذكره أن الذي يقوم به الأئمة ليس من مقتضى النبوة لم يجب بثبوتها ثبوته والاستخلاف لا شك في أنه سبب القيام بما يسنده المستخلف إلى خليفته من جملة ما يتولاه ويكون إليه التصرف فكيف يصح أن يدخل لفظه أوكد بين هذين وأحدهما لا تأثير له جملة، والآخر معلوم تأثيره وكونه سببا.
ثم ذكر صاحب الكتاب: بعد ما حكيناه كلاما تركنا حكايته لأن جملة ما تقدم من كلامنا قد أتت عليه فقد بينا أنه لا معتبر في تشبيه إحدى المنزلتين بالأخرى بأسبابهما وبما هو كالمقتضي لهما وقلنا: إن هارون عليه السلام لو ثبت أن ولايته على قوم أخيه صلى الله عليه وسلم كان بغير استخلاف بل لأجل نبوته لم يلزم فيمن جعل له مثل منزلته أن يكون مشاركا له في سبب المنزلة وكيفية حصولها ودللنا على أن هارون لو بقي بعد وفاة أخيه لوجب أن يكون حاله في الإمامة باقية غير متغيرة وفرقنا بين أن لا يكون إليه ذلك في الابتداء وبين أن يتولاه ثم يعزل عنه بأن الأول لا تنفير فيه، والثاني موجب للتنفير الذي لا بد أن يجتنبه عليه السلام وليس يخرج عما أشرنا إليه شئ من كلامه الذي تجاوزناه.
وقال صاحب الكتاب: " فإن قيل: فما المراد عندكم بهذا الخبر قيل له: إنه عليه السلام لما استخلفه على المدينة وتكلم المنافقون فيه، قال هذا القول دالا به على لطف محله منه، وقوة سكونه إليه، واستناد ظهره

(1) لا يخفى أن المرتضى بعد أن ينقل كلام القاضي ينقله بلفظه فإذا استعرضه بالرد ينقله بتصرف - أحيانا - ولكن لم يخرجه عن معناه.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(٥٤)
مفاتيح البحث: النفاق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»