وصفناه من الأخبار بنهاية السكون إليه والاستقامة منه،... " (1).
يقال له: قد بينا فيما سلف من كلامنا إن الذي يدعي من السبب في أنه كان إرجاف المنافقين، غير معلوم، وذكرنا ورود الروايات بأنه صلى الله عليه وآله قال: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) في مواطن مختلفة (2)، وذكرنا أيضا أن أكثر الأخبار واردة في السبب بخلاف ما ادعاه الخصوم، وأنه عليه السلام خرج إليه لما خلفه باكيا مخبرا بما هو عليه من الوحشة له، والكراهة لمفارقته، فقال له صلى الله عليه وآله هذا القول وليس بنكر وورد بعض الأخبار بما ذكروه، غير أن ورودها بخلافه أظهر وأشهر، وكيف لا يكون ما حكي من السبب الذي هو إرجاف المنافقين مستبعدا، بل مقطوعا على بطلانه، ونحن نعلم أنه لا يصح أن تدخل شبهة على عاقل توهمه تهمة النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام وخوفه منه، وتحرزه من ضرره، هذا مع ما كان ظاهرا منه عليه السلام من الأقوال والأفعال الدالة على عظم محله وشدة اختصاصه، وأنه قد بلغ النهاية في النصيحة والمحبة، ولم يكن ما ظهر مما ذكرناه أمرا يشكل مثله فيحتاج فيه إلى الاستدلال والنظر، بل كان مما يضطر العقلاء وغير العقلاء إن كانوا ممن يجوز أن يضطر إلى ما لا يتطرق معه تهمة ولا تتوجه