الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٥
به، ليزيل ما خامر القلوب من الشبهة في أمره وليعلم أنه صلى الله عليه وآله إنما استخلفه لهذه الأحوال التي تقتضي نهاية الاختصاص، والأغلب في العرف والعادة أن الإنسان إنما يستعمل ذكر المنزلة بمعنى المحل والموقع لأنه لا فرق بين قول القائل: فلان مني بمحل فلان من فلان، وبين قوله بمنزلة فلان من فلان، وقد علمنا أن الظاهر من ذلك الموقع من القلب في الاختصاص والسكون والاعتماد دون ما يرجع إلى الولايات، فيجب أن يكون الخبر محمولا عليه لشهادة التعارف أو لشهادة السبب له " ثم قال:
" فإن قال إن كان المراد ما ذكرتم فما الوجه في استثناء النبوة من هذا القول، وليس لها به تعلق قيل له: إن المتعالم من حال هارون أنه كان موقعه من قلب موسى لمكان النبوة أعظم وأن النبوة أوجبت مزية في هذا الباب (1) فقد كان يجوز لو لم يستثن صلى الله عليه وآله النبوة أن يفهم (2) إن منزلة أمير المؤمنين صلوات الله عليه تماثل هذه المنزلة، فأراد أن يبين باستثناء النبوة أنها مقصرة عن هذه المنزلة القدر الذي يقتضيه نفي نبوته (3) وهذا كما يقول أحدنا لرفيع المحل في قلبه: إن محلك ومنزلتك مني محل ولدي وإن لم تكن لي بولد وإنما يستعمل ما يجري مجرى الاستثناء في هذا الباب في الوجه الذي من حقه أن يؤكد تلك المنزلة ويعظم أمرها ويفخم شأنها،... " (4). ثم قال بعد كلام تركناه: " ولولا أن ذلك كذلك لم يكن في هذا القول إزالة عن القلوب ما تحدث به المنافقون من شكه صلى الله عليه وآله في أمره وأنه إنما خلفه تحرزا لأن كل ذلك لا يزول بالاستخلاف الذي هو الولاية في الحال ومن بعد وإنما يزول ذلك بما

(1) في المغني " في هذا الباب في السكون وفي سائر الوجوه فقد، الخ ".
(2) غ " يوهم " وفي حاشية الأصل " يتوهم ".
(3) غ " في نبوته ".
(4) المغني 20 ق 1 / 172.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»