الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٧
ظنه، فليس يخلو المنافقون الذين ادعى عليهم الإرجاف من أن يكونوا عقلاء مميزين أو نقصاء مجانين، فإن كانوا عقلاء فالعاقل لا يصح دخول الشبهة عليه في الضروريات، وإن كانوا من أهل الجنون والنقص فإرجافهم غير مؤثر، ولا معتد به، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله غير محتاج إلى الرد عليهم، والإبطال لقولهم، وهذه الجملة تكشف عن بطلان قول من ادعى أن السبب كان إرجاف المنافقين، ويقتضي القطع على كذب الرواية الواردة بذلك.
ثم يقال له: اعمل على أن السبب ما ذكرته واقترحته، وأن المراد ما وصفته من إفادة لطف المحل، وقوة السكون، وشدة الاختصاص، فما المانع مما قلناه وتأولنا الخبر عليه؟ وأي تناف بين تأويلك وتأويلنا؟ وإنما يكون كلامك مشتبها ولك فيه أدنى تعلق لو كان ما وصفته من المراد مانعا مما ذهبنا إلى أنه المراد حتى لا يصح أن يراد جميعا، فأما والأمر بخلاف ذلك فلا شبهة في كلامك.
فأما تعلقه بالعادة في استعمال لفظ المنزلة وإنها لا تكون إلا بمعنى المحل والموقع من القلب دون ما يرجع إلى الولايات، فباطل، وما وجدناه زاد في ادعاء ذلك على مجرد الدعوى، وقد كان يجب أن يذكر ما يجري مجرى الدلالة على صحة قوله، ولا فرق في عادة ولا عرف بين استعمال لفظة المنزلة في الموقع من القلب، وبين استعمالها في الولايات وما أشبهها، ألا ترى أنه كما لا يصح أن يقول أحدنا: فلان مني بمنزلة فلان ويريد في المحبة والاستقامة، والسكون إليه (1) كذلك يصح أن يقول مثل هذا القول وهو يريد أنه بمنزلة فلان في الوكالة أو الوصية أو الخلافة له، ولو كان الأمر على ما ظنه صاحب الكتاب لكان قول أحدنا: فلان مني بمنزلة فلان في وكالته أو وصيته مجازا من حيث وضع اللفظ خلاف

(1) خ " والاستناد إليه " وفي حاشية خ " والاستقامة " خ ل.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»