الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٥٨
موضعه، ولا فرق بين من ادعى أن اللفظ في هذا الموضع مجاز وبين من قال: إنه في المحبة وما أشبهها أيضا مجاز، لأن الاستعمال لا يفرق بين الأمرين.
فأما قوله: " إن المنزلة تستعمل بمعنى المحل والموقع " فقد أصاب فيه إلا أنه ظن أنا لا نقول في المحل والموقع بمثل ما يقوله في المنزلة، وتوهم أنه لا يستفاد من لفظ المحل والموقع ما يرجع إلى الولاية، وقد ظن ظنا بعيدا لأنه لا فرق بين سائر هذه الألفاظ في صحة استعمالها في الولاية وغير الولاية، لأنه غير ممتنع عند أحد أن يقول الأمير في بعض أصحابه عند موت وزيره أو عزله: فلان مني بمحل فلان، يعني من كانت إليه وزارته أو قد أحللت فلانا محل فلان وأنزلته منزلته، فكيف يدعي مع ما ذكرناه اختصاص فائدة هذه الألفاظ بشئ دون شئ؟
وأما ما اعتذر به في الاستثناء فإنه لا يخرج الاستثناء من أن يكون جاريا على غير وجه الحقيقة، ولهذا قال في كلامه: (إنه استعمل ما يجري مجرى الاستثناء) لأن من حق الاستثناء عنده إذا كان حقيقة أن يخرج من الكلام ما يجب دخوله فيه بمقتضى اللفظ، وعندنا إنه يخرج من الكلام ما يقتضيه اللفظ احتمالا لا إيجابا، وعلى المذهبين لا بد أن يكون الاستثناء في الخبر إذا كان المراد ما ادعاه مجازا موضوعا في غير موضعه، لأن اللفظ الأول لا يتناول النبوة لا إيجابا ولا احتمالا فكيف يجوز استثناؤها حقيقة؟
ونحن نعلم أن القائل إذا قال: ضربت غلماني إلا زيدا دل ظاهر استثنائه على أن زيدا من جملة غلمانه، ولو لم يكن من جملتهم لما جاز استثناؤه، فلو أنه استثنى زيدا ولم يكن من غلمانه إلا أنه اعتقد أن في الناس من يتوهم أنه غلامه، وقصد إزالة الشبهة لم يخرجه ذلك من أن يكون متجوزا في الاستثناء موقعا له في غير موقعه.
(٥٨)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، الظنّ (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»