الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٦٢
وكان الوالي على الحجيج والموسم والمؤدي للسورة أمير المؤمنين عليه السلام وليس هذا مما ينفرد الشيعة بنقله لأن كثيرا من أصحاب الحديث قد رووه (1) ومن تأمل كتبهم وجده فيها وإذا تقابلت الروايتان وجب الشك في موجبهما، بل يجب القطع على بطلان ما ينافي منهما مقتضى الخبر المعلوم الذي لا شك فيه، وهو قوله صلى الله عليه وآله: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) لأنه إذا دل الدليل على اقتضاء هذا الخبر الخلافة في الغيبة على سبيل الاستمرار وجب القطع على بطلان الرواية المنافية لما يقتضيه، على إنه لم يرو أحد أن أبا بكر كان واليا على أمير المؤمنين عليه السلام، وإنما روي أنه كان أميرا على الحجيج، وقد يجوز أن تكون ولايته على من عدا أمير المؤمنين عليه السلام، فلو صحت الرواية التي يرجعون إليها لما صح قول صاحب الكتاب " إنه ولى أبا بكر على أمير المؤمنين عليه السلام ".
فأما حديث الصلاة فقد بينا فيما تقدم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يولها أبا بكر، وشرحنا الحال التي جرت عليها وبينا أن ولاية الصلاة لو ثبتت لم تدل على الإمامة، وذلك يسقط التعلق بالصلاة في الموضعين.
فأما قوله: " إنه صلى الله عليه وآله لما بعث أمير المؤمنين عليه السلام إلى اليمن استخلف على المدينة غيره عند خروجه في حجة الوداع " فإنه غير مناف للطريقين معا في تأويل الخبر، لأن من ذهب إلى أن الخلافة في الحياة لم تستمر إلى بعد الوفاة لا شبهة في سقوط هذا الكلام عنه، ومن ذهب إلى استمرارها إلى بعد الوفاة يقول: ليس يقتضي استخلافه عليه السلام في المدينة أكثر من أن يكون له عليه السلام أن يتصرف في أهلها

(١) نذكر من رواته ابن جرير في تفسيره ١٠ / ٤٦ و ٤٧، والإمام أحمد في المسند ج ١ / ٣ و ١٥١ و ٣٣٠، و ج ٢ / ٢٩٩ و ج ٣ / ٢١٢ و ٢٨٣، والنسائي في خصائصه ص ٢٠، وانظر عمدة القاري ٨ / 637.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»