الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٤٧
وغير واجب فيمن جعل بمثابة هارون أن لا يصح ذلك فيه إلا بعد ثبوت المنزلتين له في كلتا الحالتين.
ومما يكشف عن صحة قولنا وبطلان ما اعتبره صاحب الكتاب أن أحدنا لو قال لغيره: أنت مني اليوم بمنزلة فلان من فلان، وكان أحد اللذين أشار إليهما وكيلا لصاحبه وكالة متقدمة مستمرة إلى الوقت الذي وقع فيه القول الذي حكيناه، لكان قد أوجب بكلامه كون من جعل له منزلة الوكيل وكيلا له على استقبال الوقت الذي ذكره، ولم يكن لأحد أن ينفي وكالته بأن يقول: إن الذي جعل له مثل منزلته حاله اليوم كحاله فيما تقدم، فيجب إذا جعلنا حال الآخر كحاله أن لا يكون وكيلا، بل كان المعترض بمثل هذا القول عند جميع العقلاء مستنقص الفهم والفطنة، لا لشئ إلا لما ذكرناه من أنه لا اعتبار باستمرار الوكالة وتجددها، والمعتبر بأن يثبت لمن جعل لغيره مثل منزلته في الحال التي أشير إليها وثبوتها فيما تقدم هذه الحال كانتفائها في الوجه المقصود بالقول، وكما أنه لا معتبر باستمرار المنزلة وتجددها فكذلك لا معتبر باختلاف سببها لأنا قد بينا فيما مضى أن التسوية بين الاثنين في العطية لا توجب اتفاق جهة عطيتهما، بل لا يمتنع أن يختلفا في الجهة والسبب وإن اتفقا في العطية، وإنما أوجبنا لأمير المؤمنين عليه السلام من المنازل منزلة الخلافة بعد الوفاة ولم نوجب استمرار الخلافة في الحياة لأن ما يمنع من إثبات إحدى المنزلتين لا يمنع من الأخرى، فأوجبنا ما لا يمنع الدليل منه باللفظ وأخرجنا ما منع منه، على أن في أصحابنا من ذهب إلى استمرار خلافة أمير المؤمنين عليه السلام واستحقاقه التصرف فيما يتصرف فيه الأئمة في الحال، من ابتداء وقوع النص عليه إلى آخر مدة حياته، غير أنهم يمتنعون من أن يسموه إماما، لأن الإمام هو الذي لا يد فوق يده، ولا يتصرف فيما يتصرف فيه الأئمة على سبيل الخلافة لغيره، والنيابة عنه، وهو حي فيمتنعون من تسميته
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»