الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
وقعت في غير حقها ولغير مستحقها، وذلك يقتضي أن رجوعه إليها لم يكن إلا لضرب من التدبير.
فأما استدلاله على رضاه بما ادعاه من إظهار المعاونة والمعاضدة، وأنه أشار عليه بقتال أهل الردة فإنه ادعاء معاونة ومعاضدة على سبيل الجملة لا نعرفها، ولو ذكر تفصيله لتكلمنا عليه، فإن أشار بذلك إلى ما كان يمدهم به من الفتيا في الأحكام، فذلك واجب عليه في كل حال، ولكل مستفت فلا يدل إظهار الحق والتنبيه على الصواب في الأحكام لا على معاونة ولا معاضدة، وإن أشار إلى ما كان منه عليه السلام في وقت من الأوقات من الدفع عن المدينة (1) فذلك أيضا واجب على كل مسلم وكيف لا يدفع عن حريمه وحريم المسلمين، فأي دلالة في ذلك على ما يرجع إلى الإمامة.
فأما المشورة عليه بقتال أهل الردة فما علمنا أنها كانت منه، وقد كان يجب عليه أن يصحح ذلك، ثم لو كانت لم تدل على ما ظنه لأن قتالهم واجب على المسلمين كافة والمشورة به صحيحة.
فأما تعلقه بإنكار أمير المؤمنين على أبي سفيان فقد تقدم في كلامنا أن

(١) أشار علي عليه السلام إلى سبب دفاعه عن المدينة في كتابه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حيث قال عليه السلام: (فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله، فخشيت إن لم انصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة علي أعظم)، والكتاب مذكور في باب الكتب من " نهج البلاغة " وذلك أن جماعة من العرب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلوا إلى أبي بكر أن يقارهم على إقامة الصلاة ومنع الزكاة فامتنع من إجابتهم إلى ذلك فأغاروا على المدينة فخرج علي عليه السلام بنفسه للدفاع عن المدينة حتى رد الله كيدهم وانظر تفصيل القضية في تاريخ الطبري ٣ / 244 حوادث سنة 11 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17 / 153.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»