الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٤٠
يعلم أن النكير لم يرتفع إلا للرضا وأنه لا وجه هناك سواه، وهذا قد يعلم ضرورة من شاهد الحال، وقد يعلم من غاب عنها بالنقل وغيره حتى لا يرتاب بأن الرضا هو الداعي إلى ترك النكير ألا ترى إنا نعلم كلنا علما لا يعترضه شك أن بيعة عمر وأبي عبيدة وسالم لأبي بكر كانت عن رضا وموافقة ومتابعة في الظاهر والباطن، وأنه لا وجه لما أظهروه من البيعة والموافقة إلا الرضا، ولا نعلم ذلك في أمير المؤمنين عليه السلام ومن يجري مجراه، فلو كان الطريق واحدا لعلمنا الأمرين على سواء وهذا أحد ما يمكن أن يعتمد في هذا الموضع، فيقال: لو كان أمير المؤمنين عليه السلام راضيا وظاهره كباطنه في الكف عن النكير لوجب أن يعلم ذلك من حاله كما علمناه من حال عمر وأبي عبيدة، فلما لم يكن ذلك معلوما دل على اختلاف الحال فيه، وكيف يشكل على منصف أن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام لم تكن عن رضا والأخبار متظاهرة بين كل من روى السير بما يقتضي ذلك، حتى أن من تأمل ما روي في هذا الباب لم يبق عليه شئ (1) في أنه عليه السلام ألجئ على البيعة وصار إليهما بعد المدافعة والمحاجزة لأمور اقتضت ذلك، ليس من جملتهما الرضا.
وقد روى أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري - وحاله في الثقة عند العامة والبعد عن مقاربة الشيعة والضبط لما يرويه معروف - قال: حدثني بكر بن الهيثم (2) قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي عليه السلام حين قعد عن بيعته وقال إئتني به بأعنف العنف، فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال له علي عليه السلام: احلب حلبا لك شطره

(1) شك خ ل.
(2) ابن هشام خ ل.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»