الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٥٠
بعد أشهر عما كان قبلها.
فأما ضربه المثل بالمرأة التي لها أخوة واستيحاش كبيرهم من أن يعقد عليها صغيرهم فأول ما فيه أن الكبير متى كان دينا خائفا من الله كان استيحاشه، وثقل ما جرى على طبعه لا يجوز أن يبلغ به إلى إظهار الكراهة للعقد والخلاف فيه، وإيهام أنه غير ممضي ولا صواب وكل هذا جرى من أمير المؤمنين عليه السلام فكيف يضاف إليه مع المعلوم من خشونة أمير المؤمنين في الدين، وغضبه له كراهية للواجب والاستيحاش من الحق، والغضب مما يورد إليه تحرزا من الفتنة وتلافيا للفرقة، ومن أدل دليل على أن كفه عليه السلام عن النكير وإظهار الرضا لم يكن اختيارا وإيثارا، بل كان لبعض ما ذكرناه أنه لا وجه لمبايعته بعد الإباء إلا ما ذكرناه بعينه فإن إباءه المتقدم لا يخلو من وجوه، إما أن يكون لما ادعاه صاحب الكتاب من اشتغاله بالنبي صلى الله عليه وآله وابنته، واستيحاشه من ترك مشاورته، وقد أبطلنا ذلك بما لا زيادة عليه، أو لأنه كان ناظرا في الأمر ومريبا في صحة العقد إما بأن يكون ناظرا في صلاح المعقود له الإمامة، أو في تكامل شروط عقد إمامته، ووقوعه على وجه الصحة، وكل ذلك لا يجوز أن يكون خافيا على أمير المؤمنين عليه السلام ولا ملتبسا، بل كان به أعلم وإليه أسبق، ولو جاز أن يخفى على مثله وقتا ووقتين لما جاز أن يستمر الأوقات، وتتراخى المدد في خفائه وكيف يشكل عليه صلاح أبي بكر للإمامة وعندهم أن ذلك كان معلوما ضرورة لكل أحد، وكذلك عندهم صفات العاقدين وعددهم، وشروط العقد الصحيح مما نص النبي صلى الله عليه وآله وأعلم الجماعة به على سبيل التفصيل، فلم يبق شئ يرتئي فيه أمير المؤمنين عليه السلام وينظر في إصابته النظر الطويل فلم يبق وجه يحمل عليه إباؤه وامتناعه من البيعة في الأول إلا ما نذكره من أنها
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»