الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٦٢
يجوز يرويه إلا من فهم الفارسية) فطريف لأن الشئ قد يرويه من لا من لا يعرف معناه.
فأما استدلاله بقوله: " كرديد " على أن الإمامة قد ثبتت وصحت، فباطل لأنه أراد بقوله: " كرديد " فعلتم، وبقوله: " نكرديد " لم تفعلوا، والمعنى إنكم عقدتم لمن لا يصلح للأمر ولا يستحقه، وعدلتم عن المستحق، وهذه عادة الناس في إنكار ما يجري على غير وجهه، لأنهم يقولون: فعل فلان ولم يفعل، والمراد ما ذكرناه، وقد صرح سلمان على ما روي بمعنى قوله " أصبتم الحق وأخطأتم أهل بيت نبيكم " فقد فسر بالعربية معنى كلامه بالفارسية.
فأما حمله لكلامه على أن المراد به (أصبتم الحق وأخطأتم المعدن، لأن عادة الفرس أن لا تزيل عن أهل البيت الملك) فالذي يبطله تفسير سلمان لكلام نفسه فهو أعرف بمعناه، على أن سلمان كان أتقى لله وأعرف به من أن يريد من المسلمين أن يسلكوا سنن الأكاسرة والجبابرة، ويعدلوا عما شرعه لهم نبيهم صلى الله عليه وآله.
وأما توليه لعمر المدائن فمحمول على التقية وما اقتضاه إظهار البيعة والرضا يقتضيه، وليس لأحد أن يقول: وأي تقية في الولايات لأنه غير ممتنع أن يعرض عليه ليمتحنه بها ويغلب في ظنه أن من عدل عنها وأباها نسب إلى الخلاف، واعتقدت فيه العداوة، ولم يأمن المكروه، وهذه حال توجب عليه أن يتولى ما عرض عليه فالتقية تبيح مثل ذلك وأكثر منه، وكذلك الكلام في تولي عمار الكوفة، ونفوذ المقداد في بعوث القوة.
فأما ما رواه عن أبي ذر التعظيم والتقريظ للقوم، وظنه أن ذلك يعارض ما نقله عنه وعن أمثاله من الخلاف، فظاهر البطلان لأنه لا يمنع إذا صح ما رواه عنه أن يكون محمولا على التقية لأن الحال التي منوا بها
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»