الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٥٥
لم يكن فيه حجة، لأنه يجوز أن يكون خرجت مخرج التقية ويحمل الأحوال عليها، لأن التقية جائزة عندنا فيما جرى هذا المجرى.
فأما وصفه لأمير المؤمنين عليه السلام بالشجاعة والقوة وأن التقية لا تجوز على مثله فهو على ما ذكر من الشجاعة وأفضل، إلا أن شجاعته لا تبلغ أن يغلب جميع الخلائق، ويحارب سائر الناس، وهو مع الشجاعة والقوة بشر يقوى ويضعف، ويخاف ويأمن، والتقية جائزة على البشر الذين يضعفون عن دفع المكروه عنهم.
فأما قوله: (إنه كان بعيدا عن التقية لما انتهت الخلافة إليه) فلعمري أن كثيرا من التقية زال عنه في أيام إمامته بزوال أسبابها، وبقي كثير من التقية لبقاء أسبابها، وبهذا لم ينقض جميع أحكام من تقدم ولا فسخ عقدهم، وأين أنصاره وأعوانه في الكثرة والتظاهر، والتوازر في أيام إمامته من أنصاره فيما تقدم، ولا إشكال على منصف في الفرق بين الأمرين.
فأما قوله: (إن التقية لا بد فيها من سبب ظاهر) فقد قلنا في ذلك ما فيه كفاية فأما قوله: (إن في كثير من الأوقات إظهار الحق أولى) فهب إن الأمر على ذلك لعل الوقت الذي تكلم عليه من الأوقات التي لا يكون الاظهار فيها أولى فأما قوله: (لو جاز مع فقد السبب ادعاء التقية لم تأمن في أكثر ما ظهر من الرسول صلى الله عليه وآله أن يكون على سبيل التقية) فباطل لأنا قد بينا أن السبب في الموضع الذي ادعى فقده فيه لم يكن مفقودا ثم إن الرسول صلى الله عليه وآله إنما لم تجز التقية عليه لأن الشريعة لا تعرف إلا من قبله، ولا يوصل إليها إلا من جهته فمتى جازت
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»