الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٤٩
خاذل أو كاف عن النكير، وهذه إمارات للرضا عندهم ونحن نستقصي الجواب عما يرد على هاتين المعارضتين عندما نحكيه من كلام صاحب الكتاب مستقبلا، وهذه الجملة التي أوردناها تأتي على ما حكيناه من كلامه في هذا الفصل متى تؤملت لكنا لا ندع الإشارة إلى ما ذكره على طريق التفصيل والتنبيه عليه.
أما قوله: (إنا لا ننكر أنه عليه السلام تأخر وتباطأ عن البيعة وأن قوما قالوا: أربعين يوما وآخرين قالوا: ستة أشهر) وقوله: (إنه تأخر لاستيحاشه من استبدادهم بالأمر دون مشاورته ومطالعته أو اشتغاله بتجهيز الرسول صلى الله عليه وآله أو بأمر فاطمة عليها السلام) فتعليل منه باطل لأن مشاورته عليه السلام عند مخالفينا لا تجب عليهم، وعقد الإمامة يتم بمن عقدها، ولا يفتقر في صحته وتمامه إلى حضوره، وما يدعونه من خوف الفتنة فهو عليه السلام كان أعلم به، وأخوف له فكيف يتأخر عما يجب عليه من أجل أنهم لم يفعلوا ما لا يحب عليهم؟ وكيف يستوحش ممن عدل عن مشاورته وهي عندهم غير واجبة في حال السلم والأمن، وإنما عدل تحرزا من الفتنة والفرقة، وهل هذا منهم إلا سوء ثناء على أمير المؤمنين عليه السلام ونسبته إلى ما يتنزه قدره ودينه عنه.
فأما الاشتغال بالنبي صلى الله عليه وآله فإنه كان ساعة من نهار والتأخر كان شهورا والمقلل قال أياما، وتلك الساعة كان يمكن أيضا فيها إظهار الرضا والمراسلة به بدلا من إظهار السخط والخلاف.
وأما فاطمة عليها السلام فإنها توفيت بعد أشهر فكيف يشتغل بوفاتها عن البيعة في المدة المتقدمة مع تراخيها، وعندهم أيضا أنه تأخر عن البيعة أياما يسيرة وأكثرهم يقول: أربعين يوما فكيف يشغل ما يكون
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»