الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٥٢
ذلك إنما يدل على تهمته لأبي سفيان، وعلمه بأن غرضه بذلك الكلام لم يكن النصح له، فأي تعلق له بذلك؟
وأما امتناعه عما بذله له العباس من البيعة، فلأنه كان يعرف الباطن، وكلام العباس كان على الظاهر، وليس يمتنع أن يغلب في ظنه ما لا يغلب في ظن العباس فلا يكون في امتناعه دلالة على صواب ما جرى من العقد، وإنما يكون دلالة على أن ما بذله العباس لم يكن عنده صوابا.
فأما قوله: (ولو كان منكرا لإمامة أبي بكر لم يخف أن يظهر ذلك كما أظهره أبو سفيان) فطريف لأن الوقت الذي أظهر أبو سفيان الخلاف فيه لم يكن أحد فيه يخاف من الخلاف، لأنه كان في ابتداء الأمر وقبل استمرار العقد، وقد كان في تلك الحال جماعة مظهرين للخلاف.
وإنما قلنا إنه عليه السلام خاف من الخلاف في المستقبل وبعد إطباق الكل ولم يكن في تلك الحال أبو سفيان ولا غيره مظهرا للخلاف.
فأما قوله: (إنه لو ادعى الحق لنفسه لوجد أنصارا كالعباس والزبير وأبي سفيان وخالد بن سعيد) فظاهر البطلان لأنه لا نصرة فيمن ذكر ولا في إضعافهم على من عقد العقد لأبي بكر وانقاد له، ورضي بإمامته، والأمر في هذا أظهر من أن يخفى.
فأما قوله: (إنه وإن تأخر من البيعة فقد كان راضيا من حيث ترك النكير وإنه إنما تأخر عن البيعة لأنه لم يطالب بها ولم يشدد فيها عليه) فكلام في غير موضعه لأن المعتبر في باب الإمامة إنما هو بالرضا والتسليم دون الصفقة باليد، ألا ترى أن من نأى عن محل الإمام وبلده يعد مبايعا له من حيث رضي وسلم وانقاد وإن لم يصفق بيده، وإنما يراد الصفقة لتكون إمارة على الرضا فإذا ظهر ما هو أدل منها لم يعتبر بها ولم يحتج إليها
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»