الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٢٥٤
فأما تعلقه بعرض العباس وأبي سفيان عليه البيعة وأن ذلك دليل على أن النص لا أصل له، وأن طريق الإمامة الاختيار، فقد قدمنا الكلام فيما مضى من هذا الكتاب عليه، وبينا أن ذلك لا ينافي النص من وجهين، أحدهما، أن البيعة لا تدل على أن النص لم يتقدم وتثبت به الإمامة، بل يكون الغرض منها القيام بالنص التكفل بالذب ولهذا المعنى بايع النبي صلى الله عليه وآله الأنصار ليلة العقبة وبايع المهاجرون والأنصار تحت الشجرة وعلى هذا الوجه بايع الناس عمر بن الخطاب بالخلافة بعد أبي بكر وإن كان نصه قد تقدم عليه، والوجه الآخر أن القوم لما أن شرعوا في الإمامة من جهة الاختيار وأوهموا أنه الطريق إلى الإمامة أراد العباس أن يحتج عليهم بمثل حجتهم، ويسلك في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام مسلكهم على سبيل الاستظهار عليهم، والإزالة لشبههم، وكذلك أبو سفيان، وليس في بذل البيعة دلالة على انتفاء النص.
فأما ما طول بذكره من الأخبار التي ذكرها في هذا الموضع، المتضمنة للتفضيل والتعظيم والمدح، فقد تقدم فيما مضى كلامنا عليها عند احتجاجه بها في مقابلة ما اعتمدناه من الرواية المتضمنة أمره عليه السلام للناس بالتسليم على أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين وقوله: (هذا ولي كل مؤمن بعدي) وتكلمنا في هذه الأخبار بوجوه من الكلام، وبينا ما فيها مشروحا بما لا طائل في إعادته (1)، وإيراده مثل هذه الأخبار التي يعلم أنها واردة من جهة ومدفوعة من أخرى يقتضينا أن نورد في مقابلتها ما يجري هذا المجرى مما يروونه ويدفعونه من الأخبار المتضمنة للطعن واللوم، والتصريح والتلويح، لكنا لا نفعل ذلك تنزها عنه، وتعويلا في الحجة على غيره، ومن أراد أن يعارض أخبارهم هذه بما ذكرناه من الأخبار كان له في ذلك متسع على أن جميع ما ذكره من الأخبار لو صح
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»