الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
فيها كما أوجبنا إذا كان واليا في الدين ورئيسا في الشريعة أن يكون عالما بأحكامها، فأما والأمر بخلاف ذلك فإن إلزامه العلم بالصنائع على العلم بأحكام الشريعة من بعيد الالزام.
على أنك لا تجيز أن ينصب للإمامة إلا من كان عالما بالأحكام الشرعية، أو في حكم العالم، ومعنى أن يكون في حكم العالم: أن يتمكن من الاجتهاد والاستدلال على إصابة الحكم.
وقد يجوز عندك وعند كل أحد أن ينصب للإمامة من لا يكون عالما بالصنائع والمهن ولا في حكم العالم فبان افتراق الأمرين، وإنه لا تعلق للصنائع والمهن والعلم بها بأحكام الشريعة. فما توجب أنت كون الإمام في حكم العالم به إذا لم يكن عالما نوجب نحن كونه عالما به، وما لا توجب ذلك فيه ولا تجعله شرطا في إمامته لا يجب عندنا أن يكون حاصلا له، وهذا واضح.
فأما قوله: " فإن قيل: فيجب وإن لم يكن من أهل الاجتهاد أن يجوز كونه إماما بأن يرجع إلى قول العلماء، قيل له: قد ثبت أن ذلك ممتنع في الحكام، وأن الإمام يجب أن يكون أعلى رتبة فلا يصح ذلك فيه، ولأن إلزام الحكم أوكد من الفتيا فإذا لم يحل أن يفتي المفتي إلا وهو من أهل الاجتهاد فبأن لا يحل له أن يحكم إلا وهو كذلك أولى، وقد ثبت بما سنذكره إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، وإن كانت حالهم تتفاوت (1) في العلم، وفيهم من يقصر عن صاحبه، وقد صح أن أمير المؤمنين عليه السلام

(1) غ " تتقارب ".
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»