الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٦٥
وينهيه إلى الإمام، وبينا أن ولاية الحاكم خاصة، وولاية الإمام عامة فلا يمكن أن يقال في ولاية الإمام ما قلناه في ولاية الحاكم.
فأما إلزامه إذا ذهبنا إلى وجوب استقلاله بنفسه في العلم بالأحكام التي ولي لتنفيذها، ونصب لإقامتها أن يعلم كل شئ حتى يعلم القيم والأروش والصناعات، فمن طريف الالزام وغريبه، لأنا إنما أوجبنا ما ذهبنا إليه في هذا الباب من حيث كان الإمام حاكما في الدين، وواليا في تنفيذ أحكامه، فيجب في كل حكم لله تعالى في الدين أن يعلمه لينفذه ويضعه في مواضعه، وأبطلنا قول من خالفنا وذهب إلى جواز كونه غير عالم بكثير من الأحكام المشروعة التي تعبد بعلمها، وندب إلى معرفتها، فأين هذا من العلم بالحرف والمهن والقيم والأروش، وكل ذلك مما لا تعلق له بالشريعة ولا كلف أحد من الأمة إماما كان أو مأموما العلم به لا على سبيل الندب ولا الايجاب؟ وإنما تكليفهم المتعلق بالشريعة في ذلك أن يرجعوا إلى أهل القيم والمعرفة بالصناعات، لا أن يقوموا ذلك بأنفسهم.
ثم يقال: مثال (1) ما أجزته على الإمام فيما يتعلق بالصناعات أن يكون غير عالم فيما يكون حكم الله تعالى فيه الرجوع إلى أهل صناعة مخصوصة بهذا الحكم، لأنك قد أجزت تظاهره عليه، وليس مثال ذلك ألا يكون عالما بنفس الصناعة والمهنة على أنك تقول: إن كون الإمام عالما بجميع أحكام الشريعة أفضل وأكمل، ومن كان بهذه الصفة أولى من غيره، فهل تقول إن من كان عالما بالمهن والصناعات كان أفضل وأكمل فيما يتعلق بالإمامة، وأولى بها من غيره؟ فما تثبته أنت وأصحابك فضلا وكمالا، وتجعلونه أولى نوجبه، وما لا تثبتونه بهذه الصفات لا نوجبه نحن، من حيث لا تعلق له بأحكام الشريعة وما يجب على الإمام من إقامتها، وإنما يجب أن يكون عالما بالصنائع والمهن لو كان واليا على أهلها

(1) " ومثل " خ ل.
(١٦٥)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»