الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٧١
على ما ذكره إلا أن الأمر بخلافه، لأنا قد بينا فيما تقدم أن الإمام حجة في الشرع وأدائه، وأنه يستفاد من جهته، وأن الحال ربما انتهت إلى أن يكون الشرع لا يعلم إلا من جهته، بأن يعرض الناقلون عن نقله، فكيف يحتاج الإمام في تعلم العلم واستفادته على هذا إلى من يحتاج إليه في ذلك بعينه، ولا شبهة في ارتفاع التناقض عن حاجته إلى الشهود مع حاجتهم إليه لاختلاف وجه الحاجة وقد بينا أن الأمر فيما نتكمل عليه بخلاد ذلك.
فأما الموضع الآخر فليس يجوز أن تكون الحاجة إلى أمر من الأمور واجبة وذلك الأمر جائز حصوله وارتفاعه مع القول بأن المحتاج إليه مزاح العلة، لأن وجوب حاجته يقتضي وجوب وجود ما يحتاج إليه حتى يكون مزاح العلة، وهذه الجملة تقتضي أن تكون الأمة إذا وجب عملها بالشرائع إلى أن تقوم الساعة، ووجب بوجوب ذلك علمها بالشرائع يرجع في العلم إلى من يجب حصوله له، ولا يجوز عدمه من جهته، لأن ذلك يؤدي إلى انتفاء إزاحة العلة في التكليف، وقد اعترف صاحب الكتاب بمعنى ما ذكرناه بقوله عقيب هذا الكلام. " ولذلك نقول: إن جملة العلوم يجب أن تكون محفوظة في الأمة وإن تفرقت في العلماء لكي يصح أن يظفر بها من يطلبها من أهل العلم. فأما وجوب حصول ذلك في الواحد فغير واجب لأنه لا فرق بين أن يوجد مفترقا في صحة التوصل إليه أو مجتمعا عند واحد " وهذا تصريح منه كما ترى لوجوب حصول العلم وإمكان الوصول إليه لتكون العلة مزاحة وما استأنفه من ذلك كالناقض لما قدمه، لأنه أراد أن يبين أن حصول المحتاج إليه ليس يجب من حيث تعلقت الحاجة به، وشبهه بالرزق وهو الآن قد اعترف بوجوب وجوده وحصوله، إلا أنه قال: ليس يجب أن يحصل عند واحد بعينه بلا فرق في إزاحة العلة بين وجوده مفترقا ومجتمعا، والأمر في ذلك على ما قال لأن
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»