للإمام من حيث كانت ولايته خاصة وولاية الإمام عامة، وبينا أن الأمير يرجع فيما لا يعلمه، وليس بأمير عليه، ولا حاكم فيه إلى الإمام، ولا يجوز في الإمام مثل ذلك، لأنه لا يمكن أن يشير إلى شئ من الشريعة ليس هو إماما فيه ومنصوبا لتنفيذ أحكامه، واستقصينا ذلك استقصاء يغني عن تكراره هاهنا.
فأما قوله: " فإن قيل: أليس الرسول صلى الله عليه وآله يجب أن يكون عالما بكل الدين وأعلم من سائر أمته، فهلا وجب في الإمام مثله ".
قيل له: إنما وجب في الرسول صلى الله عليه وآله ذلك لأن من جهته يعلم أمر الشرع وهو الحجة فيه وإليه يرجع في باب الديانات ولا يجوز أن يكون كذلك إلا ويفوق في العلم غيره، وإلا كان محتاجا إلى غيره في بعض ذلك، وليس كذلك الإمام لأنه لا يعلم من قبله الديانات والشرائع، وإنما فوض إليه القيام بأمور مخصوصة، فحاله كحال الحكام والأمراء... " (1) فقد مضى أيضا الكلام على ذلك، وبينا أن الإمام حجة في الشرع كالرسول، وأن الرجوع إليه في الديانات قد يحصل على حد الرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وآله لأنه إذا وقع من الأمة ما يجوز عليها من الإعراض عن نقل بعض الأحكام حتى لم يبق نقل ذلك إلا فيمن لا تقوم الحجة به، فلا مفزع في باب العلم بذلك الحكم إلا إلى قول الإمام، ولا يصح أن يعلم إلا من جهته، ففي هذا الموضع يجري الإمام مجرى الرسول في أن الشرع يعلم من جهته، وهو الحجة فيه، فلو جوزنا أن يذهب عن الإمام بعض أحكام الشريعة لم يأمن أن يكون الذي ذهب عنه هو الذي اتفق كتمانه من الأمة فلم نثق بوصول جميع الشرع