الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
الحاكم.
قيل لك: إنما الذي لا خلاف فيه من عدالته أن لا يكون فاسقا بفسق يتعلق بأفعال الجوارح وبما لا يرجع إلى المذاهب والاعتقادات التي يسوغ فيها التأويل، وما عدا ذلك فكل الخلاف فيه، وله أيضا أن يقول: لو فرقت بين الإمام والحاكم في وجوب العدالة لجاز لي أن أقول أيضا أن الإمام إذا كان فاسقا فليس له أن يحكم بنفسه الحكم الذي يعتبر فيه العدالة، وإن كان له أن يولي الحكام فيحكموا إذا كانوا عدولا، وكيف يسوغ لأحد أن يجمع بين القول بأن الحكم يوجب العدالة، وبين القول بأن الإمام له أن يحكم مع كونه غير عدل فبطل قول صاحب الكتاب " إن إليه ما إليهما وزيادة ".
فأما قوله - في جواب من عارضه بالصلاة -: " فجوزوا كونه حاكما وشاهدا لهذه العلة " فقد بينا أنهم يجوزون ذلك على الحد الذي جوزوه في الإمام، وهو فيما دخل فيه التأويل والشبهة دون ما عداه.
فأما فرقه بين الأمرين بأن إمامة الصلاة لا تتعلق بحقوق الغير، وإمامة المسلمين كلهم تتعلق بالحقوق المتعدية فلقائل أن يقول إن إمامة الصلاة أيضا تتعلق بحقوق تتعدى إلى غير الإمام ألا ترى إن صلاة المؤتم بخلاف صلاة المنفرد، وإن الإمام يتحمل عن المؤتمين وما لا يكون حاصلا إذا كانوا منفردين، وتسقط عنهم في حال الإمامة أفعال تجب عليهم إذا انفردوا بالصلاة فكيف يقال مع ذلك: " إن إمامة الصلاة لا تتعلق بحقوق تتعدى إلى الغير ".
فأما قوله: " إن الفاسق لا يؤتمن في إقامة الحدود وأخذ الأموال وصرفها في وجوهها " فهو كذلك إلا أنه يلزم عليه أن يقال في مقابلته ومن لا يؤمن من أن يكون فاسقا ويجوز أن يكون مبطنا للفسق، وإن كان مظهرا للعدالة لا يؤمن أيضا في شئ مما ذكرته على أن لمن خالف في وجوب عدالة الإمام أن يقول: هذا لا يلزم على المذهب الذي جوزناه
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»