يقال له: أما من منع في الشاهد أن يكون فاسقا بالتأويل كما منع أن يكون فاسقا بغير التأويل، فليس يلزمه السؤال الذي أوردته.
فأما احتجاجه عمن أجاز ذلك بذكر الرتبة بين الشاهد والإمام، فمما لا يغني شيئا لأن لقائل أن يقول لا شبهة في أن للإمام رتبة على الشاهد إلا أنه من أين زعمتم أن مزيته وزيادة رتبته يقتضيان أن لا يكون فاسقا بالتأويل وإن جاز مثل ذلك في الشاهد، أوليس مع أن له الرتبة على الشاهد يجوز أن يكون باطنه بخلاف ظاهره، ولا يجب أن يكون ممن يقطع على باطنه كما لا يجب مثل ذلك في الشاهد، فإن كانت رتبته على الشاهد لا تقتضي فيه أن يكون مأمون الباطن، وجاز أن يكون مساويا للشاهد في العدالة المرجوع فيها إلى الظاهر فإلا جاز مع أن له الرتبة عليه أن يتساويا في تجويز الفسق الراجع إلى التأويل؟.
فأما الكلام في رد حال الإمام في ذلك إلى حال الأمير والحاكم فقد تقدم.
فأما قوله: " لا يجوز أن يكون الفضل مطلوبا وما يقدح في الفضل غير معتبر وأن الفسق بتأويل يقدح في الفضل " فإن الذاهب إلى المذهب الذي حكيناه يقول: إن الفضل وإن كان مطلوبا مع سلامة الأحوال فإنه لا يمتنع أن تعترض أمور تدفع المختارين إلى ترك اعتبار الفضل، واختيار من يقوم بالإمامة ويضطلع بها، وإن لم يكن فاضلا كما أن الأفضل عندك مطلوب في الإمامة مع سلامة الأحوال، ومع هذا فلا يمتنع على مذهبك أن يعترض في بعض الأحوال ما يوجب العدول عن الأفضل إلى المفضول، وإن كان الأفضل هو المطلوب مع السلامة فاجعل عذرك في العدول عن الأفضل في بعض الأحوال وإن كان هو المطلوب مع السلامة عذرا لمن عدل عن الفاضل في بعض الأحوال للضرورة، وإن كان الفضل