الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
يقال له: قد بينا أن في الكتاب متشابها لا يقطع على المراد به، وأنه لم يثبت من السنة ما يكون مبينا لذلك وموضحا عنه، وكلامك في هذا الفصل كلام من ينازع فيما ذكرناه، فقد تقدم أن الدفع له مكابرة ظاهرة والمحنة بيننا وبينك إذا أنكرت أن يكون في القرآن من المتشابه ما هو بالمنزلة التي ذكرناها فإنما (1) نكشف عن الحقيقة فيما اختلفنا فيه فأما كلام الإمام الذي عارضت به ومعرفة من غاب عنه مراده به فغير مشبه لما نحن فيه، لأن الإمام يمكن أن يتكلم بكلام غير محتمل فلا يشتبه على السامع ولا على المنقول إليه ذلك الكلام مراده منه، ويمكن إذا كان كلامه محتملا أن يضطر السامع إلى مراده بمخارجه وقرائنه، ومن غاب عنه وإن لم يكن مضطرا فإنه يعرف المراد بنقل من سمعه من الإمام ممن الإمام مراع لنقلهم، وحافظ لأمرهم، فمتى علم أنهم قد أخبروا عنه على وجه لا حجة (2) فيه أو لا ينبئ عن مراده أردفهم (3) بغيرهم من النقلة أو يتولى الإفهام بنفسه، وهذا كله مفقود في القرآن لاحتمال مواضع منه واشتباهها، ولأن ما يثبت بالسنة في بيان تلك المواضع لو كانت ثابتة إذا لم يكن وراء الناقلين لها من يرعاهم كما أثبتنا وراء النقلة (4) عن الإمام من يرعاهم، ويتلافى ما يعرض فيه، لم يؤمن فيه الاخلال والعدول عن الواجب، وهذا هو الفرق بين بيان الرسول صلى الله عليه وآله المنقول بالتواتر وبين بيان الإمام المنقول إلى الغائب عنه، ومعنى هذا الكلام كله قد تقدم حيث دللنا على أن حفظ الشريعة لا يجوز أن يكون بالتواتر من غير إمام في الزمان.

(1) فإنها، خ ل.
(2) أردفهم: أتبعهم، وكل شئ تبع شيئا فهو ردفه.
(3) خ " لا حاجة ".
(4) الناقلين، خ ل.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»