الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
الله تعالى، فإذا عصيت الله تعالى فلا طاعة لي عليكم " وهذه طريقة أمير المؤمنين عليه السلام فيما كان يأمر به،... " (1).
يقال له: قد استدل بهذا الوجه كثير من أصحابنا على عصمة الإمام، وأقوى ما ينصر به، أن الإمام لا بد أن يكون مقتدى به، لأن لفظ الإمامة مشتق من معنى الاقتداء والاتباع، والاجماع أيضا حاصل على هذه الجملة، يعني أن الإمام مقتدى به، وإن كان الخلاف واقعا في كيفية الاقتداء به وصورته، وإذا ثبت وجوب الاقتداء به وجب أن يكون معصوما، لأنه إذا كان غير معصوم لم نأمن في بعض أفعاله أن يكون قبيحا، ويجب علينا موافقته فيه من حيث وجب الاقتداء به، وفي استحالة تعبدنا بالأفعال القبيحة دليل على أن من أوجب علينا الاقتداء به لا بد أن يكون ذلك منه مأمونا، ولا يكون كذلك إلا وهو معصوم.
فإن قال قائل: ولم أنكرتم أن يكون الاقتداء بالإمام إنما يجب فيما نعلمه حسنا، فأما ما نعلمه قبيحا، أو نشك في حاله فلا يجب الاقتداء به فيه؟.
قيل له: هذا إسقاط لمعنى الاقتداء جملة، وإزالة عن وجهه، لأنه لو كان من يعمل بالشئ لا من أجل عمله به، ولا من حيث كان حجة فيه، مقتدى به في ذلك الفعل لوجب أن يكون بعضنا مقتديا ببعض في جميع أفعاله التي اتفقنا عليها (2)، وإن كنا لم نقل بذلك القول، أو نفعل ذلك الفعل من أجل قول بعضنا به، أو فعله له، ولوجب أيضا أن نكون مقتدين باليهود والنصارى لموافقتنا لهم بالاقرار بنبوة موسى وعيسى عليهما

(1) المغني 20 ق 1 / 89 و 90.
(2) ما اتفقنا فيه، خ ل.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»