الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
لأنا نعلم أن في القرآن متشابها (١) وفي السنة محتملا (٢) وأن العلماء من أهل اللغة قد اختلفوا في المراد بهما، وتوقفوا في الكثير مما لم يصح لهم طريقة ومالوا في مواضع إلى طريقة الظن، والأولى فلا بد والحال هذه من مبين للمشكل، ومترجم للغامض، يكون قوله حجة كقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وليس يبقى بعد هذا إلا أن يقال إن جميع ما في القرآن إما معلوم بظاهر اللغة، وفيه بيان من الرسول صلى الله عليه وآله يفصح عن المراد به، وإن السنة جارية هذا المجرى، وهذا قول يعلم بطلانه ضرورة لوجودنا مواضع كثيرة من الكتاب والسنة قد أشكلت على كثير من العلماء وأعياهم القطع فيها على شئ بعينه، ولو لم يكن في القرآن إلا ما لا خلاف فيه ولا في وجوده، ولا يتمكن من دفعه وهو المجمل الذي لا شك فيه أغني في حاجته إلى البيان والايضاح، مثل قوله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة﴾ (٣) وقوله: ﴿في أموالهم حق معلوم﴾ (4) إلى غير ما ذكرناه وهو كثير، وإذا كان هذا مما لا بد من

(١) في القرآن الكريم آيات محكمات وآخر متشابهات فالمحكم هو ما علم المراد بظاهره من غير قرينة تقترن إليه ودلالة تدل على المراد به لوضوحه نحو قوله تعالى: (إن الله لا يظلم الناس شيئا) وقوله تعالى: (ولا يظلم مثقال ذرة) لأنه لا يحتاج في معرفة المراد إلى دليل، والمتشابه ما لا يعلم المراد بظاهره حتى يقترن به ما يدل على المراد منه، نحو قوله تعالى: (وأضله الله على علم) فإنه يفارق قوله: (وأصلهم السامري) لأن إظلال السامري قبيح، وإضلال الله - بمعنى حكمه بأن العبد ضال - ليس بقبيح بل هو حسن، كما عرف المحكم والمتشابه بتعاريف أخرى أكثرها يختلف لفظا، ويتقارب معنى، ينظر في ذلك التبيان للشيخ الطوسي عند تفسير قوله تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات...) الآية آل عمران ٧.
(٢) أي يحتمل عدة وجوه.
(٣) التوبة ١٠٣.
(٤) المعارج ٢٤.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»