يخالف الأمير بكثرة رعيته، وسعة عمله، لأنه جائز أن يستخلف الإمام على جميع أعماله، وسائر رعيته خليفة وخلفاء فيجعل إليهم التصرف فيما إليه التصرف فيه، من تدبير الأمور الحاضرة والغائبة، وتولية الولاة، واستخلاف الخلفاء فيما نأى من البلاد إلى غير ما ذكرناه مما يتصرف فيه الإمام، ويتولاه بنفسه، لأنه إذا جاز أن يتولى جميعه بنفسه جاز أن يستخلف على جميعه، كما أنه لما جاز أن يتولى بعضه بنفسه جاز أن يستخلف على بعضه، فلولا أن الحال في ثبوت المزية في معنى الاقتداء بين الإمام والأمير على ما ذكرناه، لوجب أن يكون ما قدرناه وأجزناه من استخلاف الإمام على جميع ما إليه خليفة إذ كان لا فرق بينهما في معنى الاقتداء بهما، والائتمام على ما يدعيه الخصوم قادحا في الاجماع، على أن الإمام لا يكون في الزمان إلا واحدا، وإذا وجبت علينا حراسة هذا الاجماع، وإبطال ما أدى إلى القدح فيه وجب القطع على أن حال الإمام مخالفة في معنى الاقتداء لحال خلفائه والولاة من قبله، وليس لأحد أن يقول إن الاجماع إنما انعقد على أن الإمام لا يكون في الزمان إلا واحدا على معنى أن الأمة لا تولي إلا واحدا، أو الرسول لا ينص إلا على واحد.
فأما جواز تولية الإمام خليفة يكون حكمه كحكمه في معنى الاقتداء، وسعة العمل (1) فليس يمنع منه الاجماع، لأن هذا القول من مخرجه تخصيص للاجماع، وإطلاقه يقتضي (2) إبطال هذا القول وما ماثله.
وليس له أيضا أن يقول: إن الاجماع إنما منع من ثبوت إمامين في