الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٠٢
لا يجوز لأن من جعل إليه أن يقيم الحد عليه إنما احتاج إلى كونه من ورائه لجواز وقوع ما يوجب الحد منه، فإذا كانت هذه العلة قائمة في المقيم للحد احتاج إلى مثل نفسه، وإن أردت جواز إقامة الحد ممن يجوز أن يستحق الحد مع أن له إماما من ورائه يقيم عليه الحد عند استحقاقه فهذا مما لا نأباه، وهذا حال الأمراء وجميع خلفاء الإمام عندنا.
قال صاحب الكتاب: " شبهة أخرى لهم، ربما قالوا: لا بد من كون إمام معصوم في كل زمان لأن أدلة الشرع من كتاب وسنة لا تدل بنفسها لاحتمالها (1) ولذلك اختلفوا في معناها مع اتفاقهم في كونها دلالة، فلا بد من مبين عرف معناها اضطرارا من الرسول أو من إمام سواه، فقالوا: فلو جاز خلافه كان لا يمتنع أن ينزل الله تعالى كتابا ولا نبي في الزمان، فلما بطل ذلك من حيث لا بد من مبين للمراد بالكتاب للاحتمال الحاصل فيه فكذلك القول في الإمام " قال: " وهذا مبني على أن الكلام لا يدل بظاهره، وقد بينا فيما تقدم أنه يدل وأبطلنا الأقاويل المخالفة لذلك وبينا ما يلزم عليها من الفساد... " (2).
يقال له: " لسنا نقول: إن جميع أدلة الشرع محتملة غير دالة بنفسها بل فيها ما يدل إذا كان ظاهره مطابقا لحقائق اللغة، وتقدم العلم للمستدل بأن المخاطب به حكيم وأنه لا يجوز أن يريد خلاف الحقيقة من غير أن تدل عليه (3) ولا شبهة في أن جميع أدلة الشرع ليست بهذه الصفة

(1) أي لأنها تحتمل عدة وجوه.
(2) المغني 20 ق 1 / 88.
(3) أي حقائق اللغة.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»