الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣١٠
السلام وإن كنا لم نعترف بنبوتهما من أجل إقرار اليهود والنصارى بهما، وللزم أيضا أن يكون الإمام نفسه مقتديا برعيته من هذا الوجه، وفساد ما أدى إلى ما ذكرنا ظاهر.
فإن قال: لو كان الإمام إنما كان يقتدى به فيما يعلم صوابه منه، ولا يكون إماما ومقتدى به فيما عرف صوابه بغيره للزم من هذا أن لا يكون الإمام إماما لنا في أكثر الدين، لأن أكثره معلوم بالأدلة التي ليس من جملتها قول الإمام، وللزم أيضا أن لا يكون النبي صلى الله عليه وآله إماما لنا فيما أكده من العقليات.
قيل له: ليس الأمر كما توهمت لأن الذي أفسدناه هو أن الإمام مقتدى به فيما لا يكون قوله أو فعله حجة فيه، وطريقا إلى العلم بصوابه، ولم نفسد أن يكون إماما فيما عرفنا صوابه بغيره إذا كنا أيضا نعرف صوابه، فالإمام على هذا التقدير حجة في جميع الشرعيات والعقليات، لأن ما علم من جملتها بأدلته فقول الإمام أيضا حجة فيه، وطريق إلى العلم بصوابه، وما كان هو الطريق إليه دون غيره فكونه حجة فيه ظاهر، وقد ذكر ابن الراوندي (1) في كتابه في الإمامة في نصرة هذا الدليل شيئا ليس بمرضي ولا مستمر لأنه قال: " لو جاز أن يكون من يعمل بالشئ لا من أجل عمله به، وفعله له إماما فيه وقدوة لجاز أن يكون من يعمل الشئ من أجل عمله به، ويعرف صوابه بفعله له لا يكون إماما فيه " وهذا ليس بصحيح، لأن الذي قدره إنما يسوغ لو كان

(1) هو أبو الحسين يحيى بن أحمد بن إسحاق الراوندي نسبة إلى راوند قرية من قرى قاسان بنواحي إصبهان تقدم ذكره، وتكرر في الكتاب تجد له ترجمة مفصلة في معاهد التنصيص 1 / 155.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»