ترجمته، والبيان من المراد به، فلو سلمنا أن الرسول صلى الله عليه وآله قد تولى بيان جميع ما يحتاج إلى البيان منه، ولم يخلف (1) منه شيئا على بيان خليفته، والقائم بالأمر بعده، على نهاية ما يقترحه الخصوم في هذا الموضع، لكانت الحاجة من بعده إلى الإمام في هذا الوجه ثابتة، لأنا نعلم أن بيانه عليه السلام وإن كان حجة على من شافهه به، وسمعه من لفظه فهو حجة أيضا على من يأتي بعده فمن لم يعاصره ويلحق زمانه (2)، ونقل الأمة لذلك البيان قد بينا أنه ليس بضروري، وأنه غير مأمون منهم العدول عنه، وقد تقدم استقصاء هذا الموضع وتكرر فلا بد مع ما ذكرناه من إمام مؤد لترجمة النبي صلى الله عليه وآله مشكل القرآن وموضح عما غمض عنا من ذلك، فقد ثبتت الحاجة إلى الإمام مع التسليم لكثير مما ينازع فيه المخالف.
قال صاحب الكتاب: " ويقال لهم: إن الكتاب يعرف به المراد، وإذا لم يعرف ببعضه قارنه ما يعرف به المراد من سنة وغيرها، فلماذا يجب أن يحتاج إلى مبين؟ وإن كان ذلك واجبا فواجب في نفس (3) الإمام أن يعرف من غاب عنه بكلامه المراد، فإن بين تأويل الآية وصح أن يعرفه الغائب عنه بكلامه، كذلك القول في القرآن، وبعد فلو صح ما قاله لكان لا يمتنع أن يكون بيان الرسول ينقل بالتواتر فيغني عن الإمام كما أن بيان الإمام ينقل إلى الغائب عنه بالتواتر ويغني عن إمام سواه... " (4).