الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
بالطبع بعد النظر لا يخالف أيضا في هذه الجملة التي هي أن المعرفة غير تابعة في الزوال هذه العبادات.
واعلم أنا إنما سلكنا في ترتيب الدلالة التي قدمناها على عصمة الإمام مسلك من تقدم من سلفنا رضي الله عنهم، وإن كنا قد احترزنا في أثنائها بألفاظ مسقطة لبعض شبه الخصوم اللازمة على من يخالف ترتيبنا، واستقصينا الجواب عن قوي ما يمكن إيراده عليها من المطاعن والاعتراضات، ويمكن أن يستدل بمعنى هذه الطريقة على الترتيب الذي رتبته الآن.
فيقال: إذا ثبت وجوب الإمامة من الوجه الذي تقدم بيانه فالطريق الذي به يعلم وجوبها به يعلم جهة الوجوب المقتضي له، لأن الطريق إلى وجوب الحاجة إلى الإمام إذا كان هو كونه لطفا في ارتفاع القبيح وفعل الواجب، قد ثبت أن فعل القبيح والاخلال بالواجب لا يكونان إلا ممن ليس بمعصوم، فقد ثبت أن جهة الحاجة هي ارتفاع العصمة، وجواز فعل القبيح، واقترن العلم بالحاجة بالعلم بجهتها، وصارت الحاجة إلى وجوب الإمامة ما ثبت من كونها لطفا، وجهة الحاجة إلى كونها لطفا ارتفاع العصمة وجواز فعل القبيح، فالنافي لجهة الحاجة ومقتضيها كالنافي لنفس الحاجة، وجرى هذا في بابه مجرى ما يعتبره في تعلق أفعالنا بنا من حيث كانت محدثة، لأنا نقول ما دل على تعلقها بنا وحاجتها إلينا هو بعينه دال على أنها احتاجت إلينا من حيث كانت محدثة، لأنا إنما أثبتنا التعلق، والحاجة من حيث وجب وقوعها بحسب قصورنا وأقوالنا مع السلامة، وإذا وجدنا الصفة التي تحل عليها عند قصدنا هي الحدوث قطعنا على حاجتها إلينا في الحدوث، ومثل هذا الاعتبار استعملنا في استخراج جهة الحاجة إلى الإمام فلا بد على هذا من أن يكون الإمام معصوما ليخرج عن
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»