الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
تكليف المعرفة بالله تعالى (1) بعصمتهم كما استغنوا بعصمتهم عن الإمام وإلا فإن وجب أن يحتاجوا إلى المعرفة مع عصمتهم ليكونوا عندنا أقرب إلى فعل المراد وتجنب المكروه وجب أن يحتاجوا إلى إمام مع عصمتهم لمثل ذلك.
قيل له: ليس ينكر أن يكون المعصومون إنما كلفوا المعرفة بالله تعالى لأن بها تتكامل عصمتهم، ومن أجلها لم يختاروا فعل القبيح، ولو جاز أن تتكامل لهم العصمة من دون تكليف المعرفة لم يجب تكليفهم المعرفة، كما لا تجب إقامة أئمة لهم إذا ثبتت عصمتهم من دون الإمام، فيكون الدليل الدال على عموم تكليف المعرفة للخلق كاشفا عن وقوع ما قدرناه في المعصومين منهم، من أن بالمعرفة تتكامل عصمتهم.
فإن قيل: هذا كلام من يجوز أن لا يكلف الله تعالى معرفته المعصومين على حال من الأحوال، وهي الحال التي يعلم أن عصمتهم تحصل من دون المعرفة، فإذا جاز ذلك عندكم فما الدليل الموجب لعموم تكليف المعرفة للمعصومين، وإذا كنتم قد أفسدتم التعلق بطريقة الأقرب فلم يبق لكم معتمد في عموم تكليفها.
قيل: ليس الأمر كما ظننت من بعد الدلالة على عموم تكليف المعرفة علينا إذا لم نعتمد طريقتك، وعندنا أن طريقة السمع هي الدلالة على عموم تكليفها لسائر من تكاملت شروطه، ولا شبهة في دلالة السمع على ذلك، لأن الأمة مجمعة على تساوي أحوال العباد في باب المعرفة لأن من ذهب إلى أنها مستدل عليها يذهب إلى عموم الخلق بتكليفها إذا تكاملت شروطه تكليفهم، ومن قال فيها بالاضطرار يقول في عمومها

(1) حيث أن معرفته تعالى واجبة - كما يقول القاضي في شرح الأصول الخمسة ص 64 - لأنها لطف في أداء الواجبات واجتناب المقبحات.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»