نجد من أنفسنا أنا نعرف إن كان الشرائع بالتواتر وإن لم نعرف الإمام المعصوم [ولا تعرف صحته] (1) ولا يمكنهم أن يدعوا علينا هذا الاعتقاد ونحن نعلم من أنفسنا خلافه، بل يعلمون ذلك من حالنا... " (2).
يقال له: هذا الكلام إنما يلزم من يذهب إلى أن التواتر لا يعرف به صحة شئ، وإن عرفت به فلا بد من تقدمة معرفة الإمام، وليس هذا مما نذهب إليه ولا نراه، بل قد يتمكن من الاستدلال بالتواتر من يجهل الإمام، فإن أراد بقوله: " إنا نجد من أنفسنا معرفة إن كان الشرع ما ذكرناه مما قد تواتر الخبر به، وقامت حجته بالنقل " فقد قلنا: " إن ذلك غير ممتنع، وإن أراد أنه يعرف من نفسه الثقة بأن شيئا من الشرع لم ينطو عنه، ولم يخف عليه، وإن لم يعرف الإمام ليبطل بذلك ما اعتمدناه من أن هذه الثقة لا تحصل إلا مستندة إلى الإمام فغير مسلم له ما ادعاه من المعرفة، وعندنا أنه متوهم غير عارف، ومعتقد غير عالم، وكون الانسان عارفا في الحقيقة لا يعلمه ألواح منا من نفسه ضرورة، وليس هذه الدعوى بأكثر من دعوى سائر المبطلين (3) من المجبرة وغيرهم، أنهم عارفون بصحة مذاهبهم، وعالمون بها، فكما أن ذلك غير ملتفت إليه منهم فكذلك ما ادعاه.
قال صاحب الكتاب: " شبهة لهم أخرى، قالوا: متى جوزنا على الإمام أن لا يكون معصوما يؤمن سهوه وغلطه جوزنا أن يقدم على ما يوجب الحد وسائر ما احتيج من أجله إلى الإمام، وذلك يوجب أنه مشارك (4) للرعية فيما له احتاجت إلى الإمام، وهذا يوجب حاجته إلى الإمام