الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
مع عدم السواد (1)، ولو جاز أن يحتاج المكلفون إلى الإمام مع عصمتهم لجاز أن يحتاج الأنبياء إلى الأمة، والرعاة مع ثبوت عصمتهم، والقطع على أنهم لا يقارفون شيئا من القبائح، وهذا معلوم فساده على أنه لو لم تكن العلة في حاجتهم ارتفاع العصمة لجاز أن يستغنوا عنه مع كونهم غير معصومين، وليس يجوز أن يستغنوا عن الإمام، وأحوالهم هذه، لما دللنا عليه عند الكلام في وجوب الإمامة، ولا شئ أظهر في إثبات العلة من وجود الحكم تابعا لوجوده، وارتفاعه بارتفاعها، وإن كانت الحاجة إلى الإمام إنما وجبت بارتفاع العصمة وجواز الخطأ، وفعل القبيح لم يخل حال الإمام نفسه من وجهين، إما أن يكون معصوما مأمونا من فعل القبيح، أو غير معصوم فإن لم يكن معصوما وجب حاجته إلى الإمام بحصول علة الحاجة فيه، ولم يخل إمام (2) أيضا من أن يكون معصوما أو غير معصوم، فإن لم يكن معصوما احتاج إلى إمام، واتصل ذلك بما لا نهاية له، فلم يبق إلا القول بعصمة الإمام، وانتهاء الأمر في الرئاسة والإمامة إلى معصوم لا يجوز عليه فعل القبيح فإن قيل: قد بنيتم كلامكم على أن المعصوم لا يحتاج إلى إمام، وعولتم في ذلك على أمر الأنبياء عليهم السلام فلم زعمتم أن كل من ثبتت عصمته لا يحتاج إلى إمام؟ ولم أنكرتم أن يعلم الله تعالى من بعض عباده أنه إذا نصب له إماما اختار الامتناع من كل القبائح وفعل جميع الواجبات؟ ومتى لم ينصب له إماما لم يختر ذلك فيكون معصوما مع أن له إماما؟.

(1) سواده خ ل.
(2) في الأصل " إمامة " والوجه ما أثبتناه.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»