الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩١
يقدح في قولنا إن المعصوم لا يحتاج إلى إمام مع عصمته لأن كل من كانت عصمته بالإمام لم يحتج إلى إمام مع عصمته، وإنما احتاج إليه ليكون معصوما به، فلم تستقر له العصمة بغير الإمام مع حاجته إلى الإمام، وإنما يكون مفسدا لما ذكرناه (1) معارضتك لنا على معصوم لم تكن عصمته ثابتة بالإمام، وهو مع ذلك يحتاج إلى إمام، على أن ما بنينا عليه الدليل يسقط هذه المعارضة، لأنا عللنا (2) وجوب حاجة الناس إلى ذلك المعصوم، وقضينا بأن من كان معصوما لا تجب حاجته إلى إمام، وتقديرك هذا ليس بموجب حاجة المعصوم إلى إمام، وإنما يقتضي إذا صح تجويز ذلك، والتجويز لا يقدح فيما اعتمدناه، لأن الحاجة إلى إمام لا تجب للمعصوم.
فإن قيل: ولم أنكرتم أن يكون يحتاج المعصوم مع عصمته الثابتة بغير إمام إلى إمام ليكون مع وجوده أقرب إلى فعل الواجب وترك القبيح؟
قيل له: ليس يجب عندنا إذا فعل الله تعالى ما يعلم أن العبد يفعل عنده الواجب وترك القبيح أن يفعل به جميع ما يكون معه أقرب إلى فعل الواجب وترك القبيح، لأن ما فعله مما قد علم أنه لا يخل معه بالواجب يغني ويكفي، وإذا ثبتت هذه الجملة بطل ما سأل عنه، لأن المعصوم الذي قد علم الله تعالى أنه لا يختار شيئا من القبائح عندما فعله به من الألطاف التي ليس من جملتها الإمامة هو مستغن عن إمام يكون عند وجوده أقرب إلى ما ذكر.
فإن قيل: ما ذكرتموه يؤدي إلى أن يكون المعصومون مستغنين عن

(1) لما اعتمدناه، خ ل.
(2) دللنا خ ل.
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»