الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
وصلاة الجمعة، والغزو بالمسلمين، وقسمة الفئ، فيبطل بما بينا من ثبوت الحاجة إليه من الوجه الذي ذكرناه، وبأن الحاجة إليه عقلية وسائر ما ذكر سمعي، وبأن سائر ما ذكر قد يسقط عن بعض الأمة لأعذار مع ثبوت الحاجة إلى الإمام، على أنه ليس يخلو ما ذكروه من إقامة الحدود أن يريدوا به إقامتها على مستحقيها، أو يريدوا أن الإمام يحتاج إليه قبل استحقاقها ليتولى إقامتها عند استحقاق الجناة لها، فإن أرادوا الوجه الثاني فإنا لا نضايق فيه لأن المعنى يرجع إلى ما أردناه لأن من لم يقارف ما يوجب الحد إذا احتاج إلى إمام قبل مقارفته فلم يحتج إليه إلا للوجه الذي نعتبره، وهو كونه ممن يجوز أن يفعل القبيح ويقارف ما يستحق به التأديب، وإن أرادوا الوجه الأول (1) بطل بأنه مؤد إلى أن يكون أبرار الأمة (2) ومن كان منهم على حال السلامة غير محتاجين إلى الإمام، وأن تكون الحاجة إليه مختصة بالفساق ومستحقي الحدود، وهذا فاسد بالعقل والسمع معا.
وأما معارضة صاحب الكتاب لنا بالأمير (3) وقوله " إذا جوزتم عليه ما تجوزونه على رعيته ولم يمنع ذلك من إثبات فرق ما بينه وبين رعيته، فقولوا: في الإمام مثله " فظاهر البطلان، لأنا أولا لم نقل: إن الإمام لو لم يكن معصوما لوجب أن لا يكون بينه وبين رعيته فرق من غير تقييد، بل قلنا: كان يجب أن لا يكون فرقا فيما احتاجوا من أجله إليه، وهكذا حكى عنا في الكلام الذي تعاطى اعتراضه، ولا ندري كيف استحسن

(1) وهو القول بأن الحاجة إلى الإمام لإقامة الحدود بعد استحقاقها.
(2) أبرار الأمة: أهل الطاعة منهم، واحدهم بر قال الجوهري: " فلان يبر خالقه ويتبرره: أي يطيعه ".
(3) أي المنصوب من قبل الإمام في بعض الجهات.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»