الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٩٥
العلة المحوجة إلى الإمام، وإلا أدى ذلك إلى وجود من لا نهاية له من الأئمة، ومتى اعتمد في عصمة الإمام هذا الترتيب الذي اخترناه سقط سائر ما يعترض به المخالفون في استخراج علة الحاجة إلى الإمام، وخف بذلك شغل كثير.
ويسقط أيضا ما لا يزالون يتعلقون به، فيقولون: كي تحكمون بأن المعصوم لا يجب حاجته إلى الإمام مع اعتقادكم كون أمير المؤمنين عليه السلام معصوما في حياة النبي صلى الله عليه وآله وهو مع ذلك محتاج إليه ومؤتم به وكذلك القول في الحسن والحسين عليهما السلام في حياة أمير المؤمنين عليه السلام، اللهم إلا أن تزعموا أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن محتاجا إلى النبي صلى الله عليه وآله فتخرجوا عن الدين أو تزعموا أنه لم يكن معصوما في تلك الحال فتتركوا مذهبكم، وذلك أنا إنما منعنا حاجة المعصوم إلى إمام يكون لطفا له في تجنب القبيح وفعل الواجب، ولم نمنع حاجته إليه من غير هذه الوجهة، ألا ترى أن كلامنا إنما يكون في تعليل الحاجة إلى إمام يكون لطفا في الامتناع من المقبحات، ولم يكن في تعليل غير هذه الحاجة فإذا ثبتت هذه الجملة لم يمتنع استغناء أمير المؤمنين عليه السلام بعصمته في حال حياة النبي صلى الله عليه وآله عنه فيما ذكرناه، وإن لم يكن مستغنيا عنه في غير ذلك من تعليم وتوقيف (1) وما أشبهها، وكذلك القول في الحسن والحسين عليهما السلام أنهما يستغنيان بعصمتهما عن إمام يكون لطفا لهما في الامتناع عن القبيح. وإن جازت حاجتهما إلى الإمام للوجه الذي ذكرناه.
فأما قول بعضهم: إن الإمام إنما احتيج إليه لإقامته الحدود،

(1) وهو الاستغناء بعصمته عنه بأن يكون لطفا له في الامتناع عن القبيح ولكنه لا يستغني عن تعليمه (لأنه باب مدينة علمه) وتوقيفه على ما يختص الإمامة.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»