يقال له: أما التواتر فقد بينا أنا لا نطعن عليه ولا نقدح فيه، بل هو عندنا من حجج الله تعالى على عباده، وأحد الطرق إلى العلم، فمن ظن علينا خلاف هذا، أو رمانا بإبطاله فهو مبطل سرف (1) والذي نذهب إليه من جواز الكتمان والعدول عن النقل عن الناقلين لا يقتضي إبطال التواتر، وترك العمل عليه إذا ورد على شرائطه، لأنه إنما يكون حجة إذا قام الرواة بأدائه ونقله، فأما إذا لم يفعلوا ذلك فقد سقطت الحجة به، وجميع ما ذكره وجعل التواتر طريقا إليه من العلم بكون النبي والقرآن ووقوع التحدي صحيح، وليس بحجة علينا، بل على من طعن على التواتر، وذهب إلى أنه ليس بطريق إلى العلم.
فأما عدم المعارضة وادعاؤه أن الطريق إلى فقدها (2) هو التواتر وإدخاله ذلك في جملة ما تقدم فطريف، لأن مثل هذا لا يعلم بالتواتر ولا يصح النقل فيه، وإنما يعلم فقد المعارضة من حيث علمنا توفر دواعي المخالفين إلى نقلها، وحرصهم على ذكرها والإشارة بها، لو كانت موجودة، فإذا فقدنا الرواية لها مع قوة الدواعي وشدة البواعث قطعنا على نفيها.
وأما ثبوت الشرائع، والناسخ والمنسوخ، وما جرى مجراهما فنعلم من جهة التواتر ما وردت به الرواية المتواترة، ونعلم أن جميع الشرع وأصل إلينا من جهته وأنه لم ينكتم عنا منه شئ بالطريق الذي قدمناه، وهو أن الإمام المعصوم إذا كان موجودا في كل زمان وجرى في الشريعة ما قدرناه وجب عليه الظهور والبيان، وإيصال المكلفين إلى العلم بما طواه