الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٩٣
فيما يأتي من الكتاب عند الكلام في النص على أمير المؤمنين عليه السلام.
وجملة ما يعقد عليه هذا الباب أن كل شئ كانت الدواعي إلى نقله للعقلاء أو لبعضهم ثابتة معلومة لم يجز كتمانه، وفي كل شئ جاز أن يدخل فيه دواعي النقل ودواعي الكتمان معا جوزنا فيه الكتمان، فاعتبر كل ما يرد عليك من أعيان المسائل هذا الاعتبار، فما لحق بما يسوغ فيه دواعي الكتمان أجزته، وما لم يسغ أحلته.
إلا أن ما يسوغ فيه الكتمان وحصول الدواعي إليه على ضربين:
منه ما يجب إذا كتم أن يبينه إمام الزمان ويظهره لتقوم الحجة به وهو ما كان من قبيل العبادات والفرائض، وما يجب على المكلفين العلم به، ومنه ما لا يجب فيه ذلك - وإن كتم - كأكثر الحوادث التي تجري من الناس في متصرفاتهم التي لا تعلق لها بشرع ولا دين.
قال صاحب الكتاب: " فأما ما يصير محفوظا بالاجماع فقد علمنا بالدليل أنه لا يجوز على الأمة فيه الخطأ، ولا يجوز عليهم الذهاب عن الحق، ولا بد من كون الحق محفوظا فيهم حتى لا يخلو الزمان ممن يحفظ الشرع والحق، فإما أن يكون واحدا بعينه أو جماعة، وإما أن يكون كل ذلك في واحد أو جميع الشرع في الجماعة، وإذا ذهب بعضهم عنه أمكنهم معرفته ممن يحفظه وينبهه على ذلك من هو حافظ له، وكذلك القول في سائر الأدلة، فمن أين أنه لا بد من الحاجة إلى الإمام؟... " (1).
فيقال له: ليس يجوز أن تكون الأمة حافظة للشرع لأن الغلط جائز على آحادها وجماعاتها كما بيناه فيما تقدم، وليس يرجع خصومنا في الاستدلال على أنهم لا يجمعون على خطأ، وإن كان العقل مجوزا

(1) المغني 20 ق 1 / 72.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»