الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٩٦
فيه الكتمان، ولو وقع لظهر الإمام، ودل على نفسه بالمعجز وبين عن الكتمان، وكان الناظر في النص على الإمام بعينه لم يكلف ما ذكرناه إلا بعد أن قطع الله تعالى عذره بعقله في وجود إمام معصوم في كل زمان، وأنه لو كتم النص على اسمه بعينه لوجب عليه البيان عنه، وإقامة الحجة فيه، وليس جهله بأن الإمام فلان دون غيره يقدح في ثقته (1) بما بيناه، لأنه وإن جهل كونه فلانا فهو يعلم أن لله تعالى في أرضه حجة حافظا لدينه، فمن هذا الوجه يثق ويسكن، وإنما غلط صاحب الكتاب من حيث ظن أن بالتواتر يعلم كون الإمام وصفته، ولو فطن لما اعتمدناه لعلم سلامة مذهبنا من الخلل.
فأما نفيه إظهار المعجز على الإمام فما اعتمد فيه إلا على الحوالة على ما قدمه في كتابه، ولو اقتصرنا على مثل فعله وأحلنا على ما في كتبنا، وما سطره أصحابنا - رضوان الله عليهم - في جواز ما أحاله لكفانا، غير أنا نجري على عادتنا في عقد كل ما يمضي في كلامنا من دعوى بدليل يمكن إصابة الحق منه.
والذي يدل على جواز إظهار المعجزات على يد من ليس بنبي أن المعجز هو الدال على صدق من يظهر على يده فيما يدعيه، أو يكون كالمدعى له لأنه يقع موقع التصديق ويجري مجرى قول الله تعالى له صدقت فيما تدعيه علي، وإذا كان هذا هو، هو حكم المعجز لم يمتنع أن يظهره الله تعالى على يد من يدعي الإمامة ليدل به على عصمته، ووجوب طاعته، والانقياد له، كما لا يمتنع أن يظهره على يد من يدعي نبوته.
فأما امتناع خصومنا من إظهار المعجزات على يد غير الأنبياء من

(1) فيه نفيه، خ ل أي العذر.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»