الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
فأما الرجوع من رأي إلى آخر فقد بينا أنه باطل، وأن أكثر ما يتعلق به خبر عبيدة السلماني وقد قلنا ما عندنا فيه.
ولو ذكر صاحب الكتاب شيئا يمكن أن يكون شبهة في الرجوع عن المذهب، والتنقل في الآراء لبينا كيف القول فيه.
وأما تركه عليه السلام الإنكار على من لا يتبع قوله فقد بينا أن النكير على ضروب، وأنه عليه السلام كان يستعمل مع مخالفيه في الأحكام ما يجب استعماله في مثلها من المناظرة والدعاء (1).
وليس يجب أن يجري كل خلاف مجرى الخلاف في اتباع قول الرسول صلى الله عليه وآله، إن أريد بالخلاف - أيضا - الواقع على طريق الشك في نبوته، وإن أريد ما يقع من الخلاف على طريق دخول الشبهة في مراده أو في ثبوت أمره بالشئ أو نهيه عنه فقد يجوز أن يستعمل في هذا الضرب من الخلاف - يعني الثاني - المناظرة والدعاء الجميل دون غيره.
بل عندنا أن كل من خالفه عليه السلام في الأحكام هذه صورته في أنه راد لقول النبي صلى الله عليه وآله من حيث لا يعلم.
قال صاحب الكتاب: " شبهة أخرى لهم، قالوا: قد ثبت أنه لا بد من إمام يقوم بإقامة الحدود، وتنفيذ الأحكام، وقسمة الفئ، وحفظ البيضة، إلى غير ذلك، وأن قيامة بذلك لا بد منه، وإن لم نقل أنه يحفظ الشرع، ومعلوم من هذه الأمور أنها لا يجوز أن توكل إلى من يجوز عليه فيها الغلط، لأنها من باب الدين، فتجويز الغلط فيها كتجويز الغلط في سائر الشرائع، وذلك لا يصح إلا بأن يكون معصوما يؤمن سهوه وغلطه، وليس بعض الأئمة بذلك أولى من بعض، لأن العلة واحدة.

(1) أي الدعوة إلى الله تعالى.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»