الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٩٠
كثيرة، أو فيما تكرر علمهم به، ومشاهدتهم له من جملة المشاهدات كامتناع سهو العاقل عن اسمه، وما يتكرر علمه به، وإدراكه له من لباسه وأعضائه، وليس بمنكر أن يسهو العاقل في أشياء مخصوصة وإن علمها ضرورة إذا كانت خارجة عما ذكرناه، لأنا نعلم أن الانسان قد يسهو عما أكله في أمسه، وصنعه في عمره، وإن كان علمه بذلك عند حصوله ضروريا فكيف أحلت (1) على أهل التواتر السهو من حيث علموا ما تواتروا به ضرورة، فإن عنيت بما ذكرته إحالة السهو على جميعهم أو على الجمع العظيم منهم فهو مما لا نأباه، ولا ينفعك وقد تقدم في كلامنا أن العادات قاضية بامتناع السهو على الأمم العظيمة في الشئ الواحد في الوقت الواحد، غير أن ذلك وإن كان باطلا لم يسقط عنك ما بينا لزومه، لأنه وإن امتنع السهو على المتواترين جميعا في حالة واحدة عما نقلوه فغير ممتنع أن يسهو بعضهم عنه في حال، وبعض في حال أخرى، إلى أن يخرج الخبر من أن يكون متواترا، وهذا أيضا مما قد تقدم.
وهب أن السهو لا يجوز على المتواترين في جماعاتهم ولا في آحادهم - حيثما ادعيت -، ما المانع من عدولهم عن النقل تعمدا لبعض الأغراض والدواعي؟ وقد بينا فيما سلف من كتابنا جواز ذلك عليهم، وأن في جوازه بطلان كونهم حجة، وصحة ما نذهب إليه من وجود إمام حافظ للشريعة.
فأما المعرفة بالبلدان والملوك فمخالفة لما ذكرناه وإلزامك لنا الشك في أمرها لا يلزمنا.
أما السهو عن البلدان والظاهر الشائع من أخبار الملوك فإنا لا نجيزه

(1) أي جعلته محالا.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»