الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٩٨
وقوعها يخرجها من أن تكون واقعة على الوجه الذي يدل عليه، لأن أحد الشروط في دلالتها كونها ناقضة للعادة، ومتى توالى وجودها وكثر حصلت معتادة، وبطل فيها انتقاض العادة فلم تدل من هذا الوجه، وليس كذلك حكم سائر الأدلة لأن تواترها وتوالي وجودها يؤثر في وجه دلالتها، ألا ترى أن ما دل على أن الحي منا قادر لا تتغير دلالته بكثرته وتواليه من حيث لم تكن الكثرة مؤثرة في وجه الدلالة، وكما أنه غير ممتنع أن يدل قدر من الأفعال المحكمة على كون فاعله عالما ولا يدل ما هو أنقص منه، ويخالف من هذا الوجه ما يدل على أن الحي قادر في أن يسيره وكثيره دال ولم يوجب مع ذلك مخالفته له ولسائر الأدلة في معنى الإبانة، بل كانت دلالة الجميع على حد واحد وإن كان بينهما الاختلاف الذي ذكرناه فكذلك غير ممتنع أن يدل المعجزات على النبوة إذا لم تبلغ حدا من الكثرة وإن كانت لو كثرت لخرجت من كونها دالة، ولا يجب أن تكون مخالفة لسائر الأدلة في معنى الإبانة.
فأما ما يقوله بعضهم من أن المعجزات لو ظهرت على يد غير الأنبياء لاقتضى تجويز ظهورها على غيرهم التنفير عن النظر فيها إذا ظهرت على أيديهم.
وقولهم: إن النظر فيها إنما وجب من جهة الخوف لأن تكون لنا مصالح لا نقف عليها إلا من جهتهم، وإذا جوزنا ظهورها على يدي من ليس بنبي ارتفعت جهة الخوف، وكان هذا سببا قويا في النفور عن النظر، والاضراب عن تكلفه، فشبيه في البطلان بما تقدم، لأن من له العلم المعجز ودعي إلى النظر فيه يلزمه النظر وإن كان مجوزا أن يكون من ظهر عليه ليس بنبي، لأنه وإن جوز ذلك فهو غير آمن من أن يكون له مصالح لا يقف عليها إلا من جهته فيجب عليه النظر في المعجز ليعلم
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»